ملح
  فجعل النّبوّة مخصوصة والمِلْكَ عامّا، فإن معنى الملك هاهنا هو القوّة التي بها يترشّح للسياسة، لا أنه جعلهم كلَّهم متولَّين للأمر، فذلك مناف للحكمة كما قيل: لا خير في كثرة الرّؤساء. قال بعضهم: المَلِك اسم لكلّ من يملك السياسة، إما في نفسه وذلك بالتّمكين من زمام قواه وصرفها عن هواها، وإما في غيره سواء تولَّى ذلك أو لم يتولّ على ما تقدّم، وقوله: {فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ وآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً}[النساء: ٥٤]. والمُلْكُ: الحقّ الدّائم للَّه، فلذلك قال: {لَه الْمُلْكُ ولَه الْحَمْدُ}[التغابن: ١]، وقال: {قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ}[آل عمران: ٢٦] فالمُلْك ضبط الشيء المتصرّف فيه بالحكم، والمِلْكُ كالجنس للمُلْكِ، فكلّ مُلْك مِلْك، وليس كلّ مِلْك مُلْكا. قال: {قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ}[آل عمران: ٢٦]، {ولا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا ولا نَفْعاً ولا يَمْلِكُونَ مَوْتاً ولا حَياةً ولا نُشُوراً}[الفرقان: ٣]، وقال: {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصارَ}[يونس: ٣١]، {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً ولا ضَرًّا}[الأعراف: ١٨٨] وفي غيرها من الآيات. والمَلَكُوتُ: مختصّ بملك اللَّه تعالى، وهو مصدر مَلَكَ أدخلت فيه التاء. نحو: رحموت ورهبوت، قال: {وكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأَرْضِ}[الأنعام: ٧٥]، وقال: {أَولَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ والأَرْضِ}[الأعراف: ١٨٥] والمَمْلَكة: سلطان المَلِك وبقاعه التي يتملَّكها، والمَمْلُوكُ يختصّ في التّعارف بالرقيق من الأملاك، قال: {عَبْداً مَمْلُوكاً}[النحل: ٧٥] وقد يقال: فلان جواد بمملوكه. أي: بما يتملَّكه، والمِلْكَة تختصّ بمِلْك العبيد، ويقال: فلان حسن الملكة. أي:
  الصّنع إلى مماليكه، وخصّ ملك العبيد في القرآن باليمين، فقال: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ}[النور: ٥٨]، وقوله: {أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ}[النساء: ٣]، {أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ}[النور: ٣١] ومملوك مقرّ بالمُلُوكَةِ والمِلْكَةِ والمِلْكِ، ومِلَاكُ الأمرِ: ما يعتمد عليه منه. وقيل: القلب ملاك الجسد، والمِلَاكُ:
  التّزويج، وأملكوه: زوّجوه، شبّه الزّوج بِمَلِكٍ عليها في سياستها، وبهذا النظر قيل: كاد العروس أن يكون مَلِكاً(١). ومَلِكُ الإبل والشاء ما يتقدّم ويتّبعه سائره تشبيها بالملك، ويقال: ما لأحد في هذا مَلْكٌ ومِلْكٌ غيري. قال تعالى:
(١) انظر: مجمع الأمثال ٢/ ١٥٨، والعين ٥/ ٣٨٠.