مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

نشأ

صفحة 807 - الجزء 1

  النَّاسِ، أي: تَنْزِعُ. وقيل: الملائكةُ التي تَعْقِدُ الأمورَ. من قولهم: نَشَطْتُ العُقْدَةَ، وتَخْصِيصُ النَّشْطِ، وهو العَقْدُ الذي يَسْهُلُ حَلُّه تنبيهاً على سهولةِ الأَمْر عليهم، وبئر أَنْشَاطٌ: قريبةُ القَعْرِ يخرُجُ دَلْوُهَا بجَذْبةٍ واحدةٍ، والنَّشِيطَةُ: ما يَنْشَطُ الرئيسُ لأَخْذِه قبلَ القِسْمَة. وقيل: النَّشِيطَةُ مِن الإبلِ: أن يَجِدَها الجيشُ فتساقُ من غير أن يُحْدَى لها، ويقال: نَشَطَتْه الحَيَّةُ: نَهَشَتْه.

نشأ

  النَّشْءُ والنَّشْأَةُ: إِحداثُ الشيءِ وتربيتُه. قال تعالى: {ولَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولى}⁣[الواقعة: ٦٢]. يقال: نَشَأَ فلان، والنَّاشِئُ يراد به الشَّابُّ، وقوله: {إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً}⁣[المزمل: ٦] يريد القيامَ والانتصابَ للصلاة، ومنه: نَشَأَ السَّحابُ لحدوثه في الهواء، وتربيته شيئا فشيئا. قال تعالى: {ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ}⁣[الرعد: ١٢] والإنْشَاءُ: إيجادُ الشيءِ وتربيتُه، وأكثرُ ما يقال ذلك في الحَيَوانِ.

  قال تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأَبْصارَ}⁣[الملك: ٢٣]، وقال: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ}⁣[النجم: ٣٢]، وقال: {ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ}⁣[المؤمنون: ٣١]، وقال: {ثُمَّ أَنْشَأْناه خَلْقاً آخَرَ}⁣[المؤمنون: ١٤]، {ونُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ}⁣[الواقعة: ٦١]، و {يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ}⁣[العنكبوت: ٢٠] فهذه كلُّها في الإيجاد المختصِّ باللَّه، وقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ}⁣[الواقعة: ٧١ - ٧٢] فَلِتشبيه إيجادِ النَّارِ المستخرَجة بإيجادِ الإنسانِ، وقوله: {أَومَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ}⁣[الزخرف: ١٨] أي: يُرَبَّى تربيةً كتربيةِ النِّسَاء، وقرئ: يَنْشَأُ⁣(⁣١) أي:

  يَتَرَبَّى.

نصب

  نَصْبُ الشيءِ: وَضْعُه وضعاً ناتئاً كنَصْبِ الرُّمْحِ، والبِنَاء والحَجَرِ، والنَّصِيبُ: الحجارة تُنْصَبُ على الشيءِ، وجمْعُه: نَصَائِبُ ونُصُبٌ، وكان للعَرَبِ حِجَارةٌ تعْبُدُها وتَذْبَحُ عليها. قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ}⁣[المعارج: ٤٣]، قال: {وما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ}⁣[المائدة: ٣] وقد يقال في جمعه: أَنْصَابٌ، قال: {والأَنْصابُ والأَزْلامُ}⁣[المائدة: ٩٠] والنُّصْبُ والنَّصَبُ: التَّعَبُ، وقرئ: {بِنُصْبٍ وعَذابٍ}⁣[ص: ٤١] و (نَصَبٍ)⁣(⁣٢) وذلك


(١) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وأبي جعفر ويعقوب. الإتحاف ص ٣٨٥.

(٢) وهي قراءة يعقوب. الإتحاف ص ٣٧٢.