مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

هدم

صفحة 835 - الجزء 1

  ٤٥٧ - كهداهد كسر الرّماة جناحه ... يدعو بقارعة الطريق هديلا⁣(⁣١)

هدم

  الهدم: إسقاط البناء. يقال: هَدَمْتُه هَدْماً.

  والهَدَمُ: ما يهدم، ومنه استعير: دم هَدْمٌ. أي:

  هدر، والهِدْمُ بالكسر كذلك لكن اختصّ بالثّوب البالي، وجمعه: أهدام، وهدّمت البناء على التّكثير. قال تعالى: {لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ}⁣[الحج: ٤٠].

هدى

  الهداية دلالة بلطف، ومنه: الهديّة، وهوادي الوحش. أي: متقدّماتها الهادية لغيرها، وخصّ ما كان دلالة بهديت، وما كان إعطاء بأهديت.

  نحو: أهديت الهديّة، وهديت إلى البيت. إن قيل: كيف جعلت الهداية دلالة بلطف وقد قال اللَّه تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ}⁣[الصافات: ٢٣]، {ويَهْدِيه إِلى عَذابِ السَّعِيرِ}⁣[الحج: ٤]. قيل: ذلك استعمل فيه استعمال اللَّفظ على التّهكَّم مبالغة في المعنى كقوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ}⁣[آل عمران: ٢١] وقول الشاعر:

  ٤٥٧ - تحيّة بينهم ضرب وجيع⁣(⁣٢)

  وهداية اللَّه تعالى للإنسان على أربعة أوجه:

  الأوّل: الهداية التي عمّ بجنسها كلّ مكلَّف من العقل، والفطنة، والمعارف الضّروريّة التي أعمّ منها كلّ شيء بقدر فيه حسب احتماله كما قال: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى}⁣[طه: ٥٠].

  الثاني: الهداية التي جعل للناس بدعائه إيّاهم على ألسنة الأنبياء، وإنزال القرآن ونحو ذلك، وهو المقصود بقوله تعالى: {وجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا}⁣[الأنبياء: ٧٣].

  الثالث: التّوفيق الذي يختصّ به من اهتدى، وهو المعنيّ بقوله تعالى: {والَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً}⁣[محمد: ١٧]، وقوله: {ومَنْ يُؤْمِنْ بِالله يَهْدِ قَلْبَه}⁣[التغابن: ١١]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ}⁣[يونس: ٩]، وقوله: {والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا}⁣[العنكبوت: ٦٩]، {ويَزِيدُ الله الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً}⁣[مريم: ٧٦]، {فَهَدَى الله الَّذِينَ آمَنُوا}⁣[البقرة: ٢١٣]، {والله يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}⁣[البقرة: ٢١٣].


(١) البيت للراعي من قصيدة عدّتها اثنان وتسعون بيتا، ومطلعها:

ما بال دفّك بالفراش مذيلا ... أقذى بعينك أم أردت رحيلا

وهو في ديوانه ص ٢٣٨، والجمهرة ٣/ ٣٩٤، والمعاني الكبير ١/ ٢٩٧، واللسان (هدد).

(٢) العجز لعمرو بن معديكرب، وشطره:

[وخيل قد دلفت لها بخيل]

وهو في ديوانه ص ١٤٩، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٠٠، والمقتضب ٢/ ٢٠، وتفسير الطبري ١/ ٣١٠.