مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

هدى

صفحة 839 - الجزء 1

  وأعطاه، واختصّ هو به دون ما هو إلى الإنسان نحو: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}⁣[البقرة: ٢]، {أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ}⁣[البقرة: ٥]، {هُدىً لِلنَّاسِ}⁣[البقرة: ١٨٥]، {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ}⁣[البقرة: ٣٨]، {قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الْهُدى}⁣[الأنعام: ٧١]، {وهُدىً ومَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}⁣[آل عمران: ١٣٨]، {ولَوْ شاءَ الله لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى}⁣[الأنعام: ٣٥]، {إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ الله لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ}⁣[النحل: ٣٧]، {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى}⁣[البقرة: ١٦].

  والاهْتِدَاءُ يختصّ بما يتحرّاه الإنسان على طريق الاختيار، إمّا في الأمور الدّنيويّة، أو الأخرويّة قال تعالى: {وهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها}⁣[الأنعام: ٩٧]، وقال: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ والْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً ولا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا}⁣[النساء: ٩٨] ويقال ذلك لطلب الهداية نحو: {وإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}⁣[البقرة: ٥٣]، وقال: {فَلا تَخْشَوْهُمْ واخْشَوْنِي ولأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ولَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}⁣[البقرة: ١٥٠]، {فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا}⁣[آل عمران: ٢٠]، {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِه فَقَدِ اهْتَدَوْا}⁣[البقرة: ١٣٧].

  ويقال المُهْتَدِي لمن يقتدي بعالم نحو: {أَولَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً ولا يَهْتَدُونَ}⁣[المائدة: ١٠٤] تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم، وقوله: {فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِه ومَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ}⁣[النمل: ٩٢] فإن الِاهْتِدَاءَ هاهنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية، ومن الاقتداء، ومن تحرّيها، وكذا قوله: {وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ}⁣[النمل: ٢٤] وقوله: {وإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى}⁣[طه: ٨٢] فمعناه: ثم أدام طلب الهداية، ولم يفترّ عن تحرّيه، ولم يرجع إلى المعصية. وقوله: {الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} إلى قوله: {وأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}⁣(⁣١) [البقرة: ١٥٧] أي:

  الذين تحرّوا هدايته وقبلوها وعملوا بها، وقال مخبرا عنهم: {وقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ}⁣[الزخرف: ٤٩].

  والهَدْيُ مختصّ بما يُهْدَى إلى البيت. قال الأخفش⁣(⁣٢): والواحدة هَدْيَةٌ، قال: ويقال للأنثى هَدْيٌ كأنه مصدر وصف به، قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}⁣[البقرة: ١٩٦]،


(١) الآيتان: {الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّه وإِنَّا إِلَيْه راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ وأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.

(٢) ليس هذا النقل في معاني القرآن له.