مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ورى

صفحة 866 - الجزء 1

  هو المال⁣(⁣١). وباعتبار لونه في حال نضارته قيل: بَعِيرٌ أَوْرَقُ: إذا صار على لونه، وبعيرٌ أَوْرَقُ: لونه لون الرّماد، وحمامةٌ وَرْقَاءُ. وعبّر به عن المال الكثير تشبيها في الكثرة بالوَرَقِ، كما عبّر عنه بالثّرى، وكما شبّه بالتّراب وبالسّيل كما يقال: له مال كالتّراب والسّيل والثرى، قال الشاعر:

  واغفر خطاياي وثمّر وَرَقِي⁣(⁣٢)

  والوَرِقُ بالكسر: الدّراهم. قال تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِه}⁣[الكهف: ١٩] وقرئ: {بِوَرِقِكُمْ}⁣(⁣٣) و (بِوِرْقِكُمْ)⁣(⁣٤)، ويقال: وَرْقٌ ووَرِقٌ ووِرْقٌ، نحو كَبْد وكَبِد، وكِبْد.

ورى

  يقال: وَارَيْتُ كذا: إذا سترته. قال تعالى: {قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ}⁣[الأعراف: ٢٦] وتَوَارَى: استتر. قال تعالى: {حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ}⁣[ص: ٣٢] وروي أن النبيّ عليه الصلاة والسلام «كان إذا أراد غزوا وَرَّى بِغَيْرِه»⁣(⁣٥)، وذلك إذا ستر خبرا وأظهر غيره.

  والوَرَى، قال الخليل⁣(⁣٦): الوَرَى: الأنامُ الذين على وجه الأرض في الوقت، ليس من مضى، ولا من يتناسل بعدهم، فكأنّهم الذين يسترون الأرض بأشخاصهم، و (وَرَاءُ) إذا قيل: وَرَاءُ زيدٍ كذا، فإنه يقال لمن خلفه. نحو قوله تعالى: {ومِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ}⁣[هود: ٧١]، {ارْجِعُوا وَراءَكُمْ}⁣[الحديد: ١٣]، {فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ}⁣[النساء: ١٠٢]، ويقال لما كان قدّامه نحو: {وكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ}⁣[الكهف: ٧٩]، وقوله: {أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ}⁣[الحشر: ١٤]، فإن ذلك يقال في أيّ جانب من الجدار، فهو وَرَاءَه باعتبار الذي في الجانب الآخر. وقوله: {وَراءَ ظُهُورِكُمْ}⁣[الأنعام: ٩٤]، أي: خلَّفتموه بعد موتكم، وذلك تبكيت لهم في أن لم يتوصّلوا بمالهم إلى اكتساب ثواب اللَّه تعالى به وقوله {فَنَبَذُوه وَراءَ ظُهُورِهِمْ}⁣[آل عمران: ١٨٧]، فتبكيت لهم. أي: لم يعملوا به ولم يتدبّروا آياته، وقوله: {فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ}⁣[المؤمنون: ٧]، أي: من ابتغى أكثر مما بيّناه، وشرعناه من تعرّض لمن يحرم التّعرّض له فقد


(١) عن قتادة قال: قرأها ابن عباس: «وكان له ثمر» بالضم، يعني: أنواع المال. الدر المنثور ٥/ ٣٩٠.

(٢) الرجز للعجاج في ديوانه ص ١١٨، والبصائر ٥/ ١٩٩.

(٣) قرأ بإسكان الراء أبو عمرو وشعبة وحمزة وخلف ويعقوب. الإتحاف ص ٢٨٩.

(٤) وهي قراءة شاذة.

(٥) قال كعب بن مالك: ولم يكن رسول اللَّه يريد غزوة إلا ورّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول اللَّه في حرّ شديد. يريد غزوة تبوك. انظر: فتح الباري ٨/ ١١٣، باب: حديث كعب بن مالك، وأخرجه أبو داود برقم ٢٦٣٧.

(٦) العين ٨/ ٣٠٥.