مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

أم

صفحة 86 - الجزء 1

  وكذا قوله: ويل أمّه⁣(⁣١)، وكذا: هوت أمّه⁣(⁣٢) والأمّ قيل: أصله: أمّهة، لقولهم جمعا: أمهات، وفي التصغير: أميهة⁣(⁣٣).

  وقيل: أصله من المضاعف لقولهم: أمّات وأميمة. قال بعضهم: أكثر ما يقال أمّات في البهائم ونحوها، وأمهات في الإنسان.

  والأُمّة: كل جماعة يجمعهم أمر ما إمّا دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرا أو اختيارا، وجمعها:

  أمم، وقوله تعالى: {وما مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ ولا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْه إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ}⁣[الأنعام: ٣٨] أي: كل نوع منها على طريقة قد سخرها اللَّه عليها بالطبع، فهي من بين ناسجة كالعنكبوت، وبانية كالسّرفة⁣(⁣٤)، ومدّخرة كالنمل ومعتمدة على قوت وقته كالعصفور والحمام، إلى غير ذلك من الطبائع التي تخصص بها كل نوع.

  وقوله تعالى: {كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً}⁣[البقرة: ٢١٣] أي: صنفا واحدا وعلى طريقة واحدة في الضلال والكفر، وقوله: {ولَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً}⁣[هود: ١١٨] أي: في الإيمان، وقوله: {ولْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}⁣[آل عمران: ١٠٤] أي: جماعة يتخيّرون العلم والعمل الصالح يكونون أسوة لغيرهم، وقوله: {إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ}⁣[الزخرف: ٢٢] أي: على دين مجتمع. قال:

  ٢٥ - وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع⁣(⁣٥)

  وقوله تعالى: {وادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}⁣[يوسف: ٤٥] أي: حين، وقرئ (بعد أمه)⁣(⁣٦) أي: بعد نسيان. وحقيقة ذلك: بعد انقضاء أهل عصر أو أهل دين.

  وقوله: {إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّه}⁣[النحل: ١٢٠] أي: قائما مقام جماعة في عبادة اللَّه، نحو قولهم: فلان في نفسه قبيلة. وروي:

  «أنه يحشر زيد بن عمرو بن نفيل أمّة وحده»⁣(⁣٧).


(١) قال ابن منظور: وقوله: ويل أمّه فهو مدح خرج بلفظ الذم.

(٢) قال ابن بري: قوله: هوت أمّه يستعمل على جهة التعجب كقولهم: قاتله اللَّه ما أسمعه!.

(٣) لأنّ الجمع والتصغير يردّان الأشياء لأصولها، فأصلها هاء على هذا. وهذا قول الخليل في العين ٨/ ٤٢٤.

(٤) هي دويبّة غبراء تبني بيتا حسنا تكون فيه، وهي التي يضرب بها المثل فيقال: أصنع من سرفة.

(٥) هذا عجز بيت للنابغة الذبياني، وصدره:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة

وهو في ديوانه ص ٨١، والغريبين ١/ ٩٣، واللسان (أمم).

(٦) وهي مروية عن شبيل بن عزرة الضبعي، وهي قراءة شاذة. راجع القرطبي ٩/ ٢٠١، وإعراب القرآن للنحاس ٢/ ١٤٣.

(٧) الحديث في مسند الطيالسي ص ٣٢ عن سعيد بن زيد أنه قال للنبيّ : إنّ أبي كان كما رأيت وكما بلغك فاستغفر له، قال: «نعم فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده». راجع الإصابة ١/ ٧٠، وأخرجه أبو يعلى، وإسناده حسن، انظر: مجمع الزوائد ٩/ ٤٢٠.