مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

أمد

صفحة 89 - الجزء 1

  المنام من تعاطي الذبح أمرا⁣(⁣١).

  وقوله تعالى: {وما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ}⁣[هود: ٩٧] فعامّ في أقواله وأفعاله، وقوله: {أَتى أَمْرُ الله}⁣[النحل: ١] إشارة إلى القيامة، فذكره بأعمّ الألفاظ، وقوله: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً}⁣[يوسف: ١٨] أي:

  ما تأمر النفس الأمّارة بالسوء.

  وقيل: أَمِرَ القومُ: كثروا، وذلك لأنّ القوم إذا كثروا صاروا ذا أمير من حيث إنهم لا بدّ لهم من سائس يسوسهم، ولذلك قال الشاعر:

  ٢٦ - لا يصلح النّاس فوضى لا سراة لهم⁣(⁣٢)

  وقوله تعالى: {أَمَرْنا مُتْرَفِيها}⁣[الإسراء: ١٦] أي: أمرناهم بالطاعة، وقيل: معناه:

  كثّرناهم.

  وقال أبو عمرو: لا يقال: أمرت بالتخفيف في معنى كثّرت، وإنما يقال: أمّرت وآمرت.

  وقال أبو عبيدة: قد يقال: أمرت⁣(⁣٣) بالتخفيف نحو: «خير المال مهرة مأمورة وسكَّة مأبورة»⁣(⁣٤) وفعله: أمرت.

  وقرئ: (أَمَّرْنَا)⁣(⁣٥) أي: جعلناهم أمراء، وكثرة الأمراء في القرية الواحدة سبب لوقوع هلاكهم، ولذلك قيل: لا خير في كثرة الأمراء، وعلى هذا حمل قوله تعالى: {وكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها}⁣[الأنعام: ١٢٣]، وقرئ: (آمَرْنَا)⁣(⁣٦) بمعنى: أكثرنا.

  والائْتِمَارُ: قبول الأمر، ويقال للتشاور: ائتمار لقبول بعضهم أمر بعض فيما أشار به.

  قال تعالى: {إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ}⁣[القصص: ٢٠]. قال الشاعر:

  ٢٧ - وآمرت نفسي أيّ أمريّ أفعل⁣(⁣٧)


(١) قال قتادة: رؤيا الأنبياء $ حقّ، إذا رأوا شيئا فعلوه. انظر: الدر المنثور ٧/ ١٠٥.

(٢) الشطر للأفوه الأودي، وتتمته:

ولا سراة إذا جهالهم سادوا

وهو في الحماسة البصرية ٢/ ٦٩، وأمالي القالي ٢/ ٢٢٨، والاختيارين ص ٧٧. وديوانه ص ١٠.

(٣) راجع: مجاز القرآن ١/ ٣٧٣، والغريبين ١/ ٨٥، وتفسير القرطبي ١٠/ ٢٣٣.

(٤) الحديث أخرجه أحمد في مسنده ٣/ ٤٦٨، وفيه: «خير مال المرء له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة». ورجال إسناده ثقات، واختلف في صحبة سويد، قال ابن حبان: يروي المراسيل لكن جاء في رواية: سمعت رسول اللَّه يقول، ففيها إثبات السماع: انظر: الإصابة ٢/ ١٠١، ومجمع الزوائد ٥/ ٢٦١.

المأمورة: الكثيرة، والسكة: الطريقة من النخل، المأبورة: الملقّحة.

(٥) وهي قراءة الحسن ومجاهد وأبي عثمان النهدي وأبي رجاء وأبي العالية، وهي قراءة شاذة.

(٦) وهي قراءة يعقوب، ورويت عن ابن كثير وأبي عمرو وعاصم من غير طريق الطيبة. راجع: الإتحاف ص ٢٨٢.

(٧) هذا عجز بيت لكعب بن زهير، وشطره الأول:

أنخت قلوصي واكتلأت بعينها

وهو في ديوانه ص ٥٥، والحجة في القراءات للفارسي ١/ ٣١٩، وأساس البلاغة (كلأ).