بشر
  {فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا}[التغابن: ٦]، وعلى هذا قال: {إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}[الكهف: ١١٠]، تنبيها أنّ الناس يتساوون في البشرية، وإنما يتفاضلون بما يختصون به من المعارف الجليلة والأعمال الجميلة، ولذلك قال بعده: {يُوحى إِلَيَّ}[الكهف: ١١٠]، تنبيها أني بذلك تميّزت عنكم. وقال تعالى: {لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ}[مريم: ٢٠] فخصّ لفظ البشر، وقوله: {فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا}[مريم: ١٧] فعبارة عن الملائكة، ونبّه أنه تشبّح لها وتراءى لها بصورة بشر، وقوله تعالى: {ما هذا بَشَراً}[يوسف: ٣١] فإعظام له وإجلال وأنه أشرف وأكرم من أن يكون جوهره جوهر البشر.
  وبَشَرْتُ الأديم: أصبت بشرته، نحو: أنفته ورجلته، ومنه: بَشَرَ الجراد الأرض إذا أكلته، والمباشرة: الإفضاء بالبشرتين، وكنّي بها عن الجماع في قوله: {ولا تُبَاشِرُوهُنَّ وأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ}[البقرة: ١٨٧]، وقال تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ}[البقرة: ١٨٧].
  وفلان مُؤْدَم مُبْشَر(١)، أصله من قولهم: أَبْشَرَه اللَّه وآدمه، أي: جعل له بشرة وأدمة محمودة، ثم عبّر بذلك عن الكامل الذي يجمع بين الفضيلتين الظاهرة والباطنة.
  وقيل معناه: جمع لين الأدمة وخشونة البشرة، وأَبْشَرْتُ الرجل وبَشَّرْتُه وبَشَرْتُه: أخبرته بسارّ بسط بشرة وجهه، وذلك أنّ النفس إذا سرّت انتشر الدم فيها انتشار الماء في الشجر، وبين هذه الألفاظ فروق، فإنّ بشرته عامّ، وأبشرته نحو: أحمدته، وبشّرته على التكثير، وأبشر يكون لازما ومتعديا، يقال: بَشَرْتُه فَأَبْشَرَ، أي:
  اسْتَبْشَرَ، وأَبْشَرْتُه، وقرئ: {يُبَشِّرُكَ}[آل عمران: ٣٩] ويبشرك(٢) ويبشرك(٣)، قال اللَّه ø: {لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ}[الحجر: ٥٣ - ٥٤].
  واستبشر: إذا وجد ما يبشّره من الفرح، قال تعالى: {ويَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ}[آل عمران: ١٧٠]، {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وفَضْلٍ}[آل عمران: ١٧١]، وقال تعالى: {وجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ}[الحجر: ٦٧]. ويقال للخبر السارّ: البِشارة والبُشْرَى، قال تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ}[يونس: ٦٤]، وقال
(١) قال ابن منظور: وفي الصحاح: فلان مؤدم مبشر: إذا كان كاملا من الرجال.
(٢) وهي قراءة حمزة والكسائي بفتح الياء وإسكان الباء وضم الشين.
(٣) وهي قراءة شاذة، وانظر الحجة للقراء السبعة ٣/ ٤٢.