مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

بشر

صفحة 126 - الجزء 1

  تعالى: {لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ}⁣[الفرقان: ٢٢]، {ولَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى}⁣[هود: ٦٩]، {يا بُشْرى هذا غُلامٌ}⁣[يوسف: ١٩]، {وما جَعَلَه الله إِلَّا بُشْرى}⁣[الأنفال: ١٠].

  والبشير: المُبَشِّر، قال تعالى: {فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاه عَلى وَجْهِه فَارْتَدَّ بَصِيراً}⁣[يوسف: ٩٦]، {فَبَشِّرْ عِبادِ}⁣[الزمر: ١٧]، {ومِنْ آياتِه أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ}⁣[الروم: ٤٦]، أي: تبشّر بالمطر.

  وقال : «انقطع الوحي ولم يبق إلا المبشّرات، وهي الرؤيا الصالحة، يراها المؤمن أو ترى له»⁣(⁣١) وقال تعالى: {فَبَشِّرْه بِمَغْفِرَةٍ}⁣[يس: ١١]، وقال: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ}⁣[آل عمران: ٢١]، {بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ}⁣[النساء: ١٣٨]، {وبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ}⁣[التوبة: ٣] فاستعارة ذلك تنبيه أنّ أسرّ ما يسمعونه الخبر بما ينالهم من العذاب، وذلك نحو قول الشاعر:

  ٥٤ - تحيّة بينهم ضرب وجيع⁣(⁣٢)

  ويصحّ أن يكون على ذلك قوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ}⁣[إبراهيم: ٣٠]، وقال ø: {وإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُه مُسْوَدًّا وهُوَ كَظِيمٌ}⁣[الزخرف: ١٧].

  ويقال: أَبشرَ، أي: وجد بشارة، نحو: أبقل وأمحل، {وأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}⁣[فصلت: ٣٠]، وأبشرت الأرض: حسن طلوع نبتها، ومنه قول ابن مسعود ¥: (من أحبّ القرآن فليبشر)⁣(⁣٣) أي: فليسرّ. قال الفرّاء:

  إذا ثقّل فمن البشرى، وإذا خفّف فمن السرور يقال: بَشَرْتُه فَبَشَرَ، نحو: جبرته فجبر، وقال سيبويه⁣(⁣٤): فَأَبْشَرَ، قال ابن قتيبة⁣(⁣٥): هو من بشرت، الأديم، إذا رقّقت وجهه، قال: ومعناه فليضمّر نفسه، كما روي: «إنّ وراءنا عقبة لا يقطعها إلا الضّمر من الرّجال»⁣(⁣٦)، وعلى الأول قول الشاعر:


(١) الحديث صحيح أخرجه البخاري ٢/ ٣٣١، ومسلم (٤٧٩) وفيه «ذهبت النبوة وبقيت المبشّرات»، وأخرجه ابن ماجة ١/ ١٢٨٣، وانظر: شرح السنة ١٢/ ٢٠٤.

(٢) هذا عجز بيت لعمرو بن معديكرب، وصدره:

وخيل قد دلفت لها بخيل

وهو في البصائر ٢/ ٢٠١، وخزانة الأدب ٩/ ٢٥٢، وديوانه ص ١٤٩، والممتع ص ٢٦٠، والخصائص ١/ ٣٦٨.

(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ٦/ ١٣٣ وانظره: في الغريبين ١/ ١٨٠، واللسان (بشر)، والنهاية ١/ ١٢٩.

(٤) الكتاب ٢/ ٢٣٥.

(٥) في غريب الحديث ٢/ ٢٣٤.

(٦) راجع: اللسان (بشر) ٤/ ٦٠. الحديث أخرجه ابن مردويه والطبراني عن أبي الدرداء سمعت رسول اللَّه يقول: «إنّ أمامكم عقبة كؤدا لا يجوزها المثقلون، فأنا أريد أن أتخفف لتلك العقبة» وإسناده صحيح. راجع: الدر المنثور ٨/ ٥٢٣، والترغيب والترهيب ٤/ ٨٥. وأسباب ورود الحديث ٢/ ٤٢ وأخرجه البزار بلفظ: «إن بين أيديكم عقبة».