مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

بصر

صفحة 127 - الجزء 1

  ٥٥ - فأعنهم وأبشر بما بشروا به ... وإذا هم نزلوا بضنك فانزل⁣(⁣١)

  وتَبَاشِير الوجه وبِشْرُه: ما يبدو من سروره، وتباشير الصبح: ما يبدو من أوائله.

  وتباشير النخيل: ما يبدو من رطبه، ويسمّى ما يعطى المبشّر: بُشْرَى وبشَارَة.

بصر

  البَصَر يقال للجارحة الناظرة، نحو قوله تعالى: {كَلَمْحِ الْبَصَرِ}⁣[النحل: ٧٧]، و {وإِذْ زاغَتِ الأَبْصارُ}⁣[الأحزاب: ١٠]، وللقوّة التي فيها، ويقال لقوة القلب المدركة:

  بَصِيرَة وبَصَر، نحو قوله تعالى: {فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}⁣[ق: ٢٢]، وقال: {ما زاغَ الْبَصَرُ وما طَغى}⁣[النجم: ١٧]، وجمع البصر أَبْصَار، وجمع البصيرة بَصَائِر، قال تعالى: {فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ ولا أَبْصارُهُمْ}⁣[الأحقاف: ٢٦]، ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة، ويقال من الأوّل: أبصرت، ومن الثاني: أبصرته وبصرت به⁣(⁣٢)، وقلَّما يقال بصرت في الحاسة إذا لم تضامّه رؤية القلب، وقال تعالى في الأبصار: {لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ}⁣[مريم: ٤٢]، وقال: {رَبَّنا أَبْصَرْنا وسَمِعْنا}⁣[السجدة: ١٢]، {ولَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ}⁣[يونس: ٤٣]، {وأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}⁣[الصافات: ١٧٩]، {بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِه}⁣[طه: ٩٦] ومنه: {أَدْعُوا إِلَى الله عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي}⁣[يوسف: ١٠٨] أي: على معرفة وتحقق. وقوله: {بَلِ الإِنْسانُ عَلى نَفْسِه بَصِيرَةٌ}⁣[القيامة: ١٤] أي: تبصره فتشهد له، وعليه من جوارحه بصيرة تبصره فتشهد له وعليه يوم القيامة، كما قال تعالى: {تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وأَيْدِيهِمْ}⁣[النور: ٢٤]. والضرير يقال له: بصير على سبيل العكس، والأولى أنّ ذلك يقال لما له من قوة بصيرة القلب لا لما قالوه، ولهذا لا يقال له:

  مبصر وباصر، وقوله ø: {لا تُدْرِكُه الأَبْصارُ وهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ}⁣[الأنعام: ١٠٣] حمله كثير من المفسرين على الجارحة، وقيل:

  ذلك إشارة إلى ذلك وإلى الأوهام والأفهام، كما قال أمير المؤمنين ¥: (التوحيد أن لا تتوهمه)⁣(⁣٣) وقال: (كلّ ما أدركته فهو غيره).

  والبَاصِرَة عبارة عن الجارحة الناظرة، يقال:

  رأيته لمحا باصرا⁣(⁣٤)، أي: نظرا بتحديق، قال ø: {فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً}⁣[النمل: ١٣]، {وجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً}⁣[الإسراء: ١٢]


(١) البيت لعبد قيس بن خفاف وهو شاعر جاهلي كان يعاصر حاتم طيئ.

والبيت في المفضليات ص ٣٨٤، والأصمعيات ص ٢٣٠، واللسان (بشر)، وتهذيب إصلاح المنطق ١/ ٨٩، ومعاني الفراء ١/ ٢١٢.

(٢) انظر: الأفعال ٤/ ٦٩.

(٣) انظر تفسير الرازي ١/ ٢٨١.

(٤) في المثل: لأرينّك لمحا باصرا، يضرب في التوعد. المستقصى ٢/ ٢٣٧.