مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

دب

صفحة 307 - الجزء 1

  دُبُرَه}⁣[الأنفال: ١٦]، وقال: {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأَدْبارَهُمْ}⁣[الأنفال: ٥٠]، أي:

  قدّامهم وخلفهم، وقال: {فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبارَ}⁣[الأنفال: ١٥]، وذلك نهي عن الانهزام، وقوله: {وأَدْبارَ السُّجُودِ}⁣[ق: ٤٠]: أواخر الصلوات، وقرئ: {وإِدْبارَ} النُّجُومِ⁣(⁣١) (وأَدْبَار النّجوم)⁣(⁣٢)، فإدبار مصدر مجعول ظرفا، نحو: مقدم الحاجّ، وخفوق النجم، ومن قرأ: (أدبار) فجمع. ويشتقّ منه تارة باعتبار دبر الفاعل، وتارة باعتبار دبر المفعول، فمن الأوّل قولهم: دَبَرَ فلانٌ، وأمس الدابر، {واللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ}⁣[المدثر: ٣٣]، وباعتبار المفعول قولهم: دَبَرَ السهم الهدف: سقط خلفه، ودَبَرَ فلان القوم: صار خلفهم، قال تعالى: {أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}⁣[الحجر: ٦٦]، وقال تعالى: {فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا}⁣[الأنعام: ٤٥]، والدابر يقال للمتأخر، وللتابع، إمّا باعتبار المكان، أو باعتبار الزمان، أو باعتبار المرتبة، وأَدبرَ: أعرض وولَّى دبره، قال: {ثُمَّ أَدْبَرَ واسْتَكْبَرَ}⁣[المدثر: ٢٣]، وقال: {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وتَوَلَّى}⁣[المعارج: ١٧]، وقال #: «لا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد اللَّه إخوانا»⁣(⁣٣)، وقيل: لا يذكر أحدكم صاحبه من خلفه، والاستدبار:

  طلب دبر الشيء، وتدابر القوم: إذا ولَّى بعضهم عن بعض، والدِّبَار مصدر دابرته، أي: عاديته من خلفه، والتدبيرُ: التفكَّر في دبر الأمور، قال تعالى: {فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً}⁣[النازعات: ٥]، يعني: ملائكة موكَّلة بتدبير أمور، والتدبير: عتق العبد عن دبر، أو بعد موته. والدِّبَار⁣(⁣٤): الهلاك الذي يقطع دابرتهم، وسمّي يوم الأربعاء في الجاهلية دِبَاراً⁣(⁣٥)، قيل: وذلك لتشاؤمهم به، والدَّبِير من الفتيل: المَدْبُور، أي: المفتول إلى خلف، والقبيل بخلافه. ورجل مُقَابَل مُدَابَر، أي: شريف من جانبيه. وشاة مُقَابَلَة مُدَابَرَة:

  مقطوعة الأذن من قبلها ودبرها. ودابرة الطائر:

  أصبعه المتأخّرة، ودابرة الحافر ما حول الرّسغ، والدَّبُور من الرّياح معروف، والدَّبْرَة من المزرعة، جمعها دَبَار، قال الشاعر:

  ١٥٤ - على جربة تعلو الدّبار غروبها⁣(⁣٦)


(١) سورة الطور: آية ٤٩، وهي قراءة جميع القرّاء.

(٢) وهي قراءة شاذة، قرأ بها المطوّعي عن الأعمش. انظر: الإتحاف ص ٤٠١.

(٣) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه برقم (٢٥٦٤). والبخاري في الفرائض ١٢/ ٤.

(٤) قال الأصمعي: والدّبار: الهلاك، بالفتح مثل الدّمار. انظر: اللسان (دبر).

(٥) بكسر الدال وضمها.

(٦) هذا عجز بيت، وشطره:

تحدّر ماء البئر عن جرشيّة

وهو لبشر بن أبي خازم، في ديوانه ص ١٤، واللسان (دبر)، والمفضليات ص ٣٣٠، والعجز في معجم مقاييس اللغة ١/ ٤٥٠.