مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ردف

صفحة 349 - الجزء 1

  الحياة المشار إليها بقوله: {ومِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى}⁣[طه: ٥٥]، فذلك نظر إلى حالتين كلتاهما داخلة في عموم اللفظ. وقوله تعالى: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ}⁣[إبراهيم: ٩]، قيل: عضّوا الأنامل غيظا، وقيل: أومأوا إلى السّكوت وأشاروا باليد إلى الفم، وقيل: ردّوا أيديهم في أفواه الأنبياء فأسكتوهم، واستعمال الرّدّ في ذلك تنبيها أنهم فعلوا ذلك مرّة بعد أخرى. وقوله تعالى: {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً}⁣[البقرة: ١٠٩]، أي:

  يرجعونكم إلى حال الكفر بعد أن فارقتموه، وعلى ذلك قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ}⁣[آل عمران: ١٠٠]، والارْتِدَادُ والرِّدَّةُ: الرّجوع في الطَّريق الذي جاء منه، لكن الرّدّة تختصّ بالكفر، والارتداد يستعمل فيه وفي غيره، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ}⁣[محمد: ٢٥]، وقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِه}⁣[المائدة: ٥٤]، وهو الرّجوع من الإسلام إلى الكفر، وكذلك: {ومَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِه فَيَمُتْ وهُوَ كافِرٌ}⁣[البقرة: ٢١٧]، وقال ø: {فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً}⁣[الكهف: ٦٤]، {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}⁣[محمد: ٢٥]، وقال تعالى: {ونُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا}⁣[الأنعام: ٧١]، وقوله تعالى: {ولا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ}⁣[المائدة: ٢١]، أي: إذا تحقّقتم أمرا وعرفتم خيرا فلا ترجعوا عنه. وقوله ø: {فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاه عَلى وَجْهِه فَارْتَدَّ بَصِيراً}⁣[يوسف: ٩٦]، أي: عاد إليه البصر، ويقال: رَدَدْتُ الحكم في كذا إلى فلان: فوّضته إليه، قال تعالى: {ولَوْ رَدُّوه إِلَى الرَّسُولِ وإِلى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ}⁣[النساء: ٨٣]، وقال: {فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوه إِلَى الله والرَّسُولِ}⁣[النساء: ٥٩]، ويقال: رَادَّه في كلامه. وقيل في الخبر: «البيّعان يَتَرَادَّانِ»⁣(⁣١) أي: يردّ كلّ واحد منهما ما أخذ، ورَدَّةُ الإبل: أن تَتَرَدَّدَ إلى الماء، وقد أَرَدَّتِ النّاقة⁣(⁣٢)، واسْتَرَدَّ المتاع: استرجعه.

ردف

  الرِّدْفُ: التابع، ورِدْفُ المرأة: عجيزتها، والتَّرَادُفُ: التتابع، والرَّادِفُ: المتأخّر، والمُرْدِفُ: المتقدّم الذي أَرْدَفَ غيره، قال تعالى: {فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ


(١) أخرجه مالك في المدونة بلاغا ٤/ ١٨٨، وأحمد ١/ ٤٦٦، وابن الجارود في المنتقى ص ١٥٩.

(٢) قال في اللسان: الرّدّة: أن تشرب الإبل الماء عللا فترتدّ الألبان في ضروعها. وأردّت الناقة: ورمت أرفاغها وحياؤها من شرب الماء.