مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

رفد

صفحة 360 - الجزء 1

  في قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ}⁣[البقرة: ١٨٧]، تنبيها على جواز دعائهنّ إلى ذلك، ومكالمتهنّ فيه، وعدّي بإلى لتضمّنه معنى الإفضاء، وقوله: {فَلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ}⁣[البقرة: ١٩٧]، يحتمل أن يكون نهيا عن تعاطي الجماع، وأن يكون نهيا عن الحديث في ذلك، إذ هو من دواعيه، والأوّل أصحّ لما روي عن ابن عباس ¥ أنه أنشد في الطَّواف:

  ١٩٥ - فهنّ يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطَّير ننك لميسا⁣(⁣١)

  يقال: رَفَثَ وأَرْفَثَ، فَرَفَثَ: فَعَلَ، وأَرْفَثَ:

  صار ذا رَفَثٍ، وهما كالمتلازمين، ولهذا يستعمل أحدهما موضع الآخر.

رفد

  الرِّفْدُ: المعونة والعطيّة، والرَّفْدُ مصدر، والْمِرْفَدُ: ما يجعل فيه الرِّفْدُ من الطعام، ولهذا فسّر بالقدح، وقد رَفَدْتُه: أنلته بالرّفد، قال تعالى: {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ}⁣[هود: ٩٩]، وأَرْفَدْتُه: جعلت له رِفْداً يتناوله شيئا فشيئا، فَرَفَدَه وأَرْفَدَه نحو: سقاه وأسقاه، ورُفِدَ فلان فهو مُرْفَدٌ، استعير لمن أعطي الرّئاسة، والرَّفُودُ: الناقة التي تملأ المرفد لبنا من كثرة لبنها، فهي فَعول في معنى فاعل. وقيل: الْمَرَافِيدُ من النّوق والشاء:

  ما لا ينقطع لبنه صيفا وشتاء، وقول الشاعر:

  ١٩٦ - فأطعمت العراق ورَافِدَيْه ... فزاريّا أحذّ يد القميص⁣(⁣٢)

  أي: دجلة والفرات، وتَرَافَدُوا: تعاونوا، ومنه: الرِّفَادَةُ، وهي: معاونة للحاجّ كانت من قريش بشيء كانوا يخرجونه لفقراء الحاجّ.

رفع

  الرَّفْعُ يقال تارة في الأجسام الموضوعة إذا أعليتها عن مقرّها، نحو: {ورَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ}⁣[البقرة: ٩٣]، قال تعالى: {الله الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها}⁣[الرعد: ٢]، وتارة في البناء إذا طوّلته، نحو قوله: {وإِذْ يَرْفَعُ


(١) أخرج الحاكم وصححه وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن أبي العالية قال: كنت أمشي مع ابن عباس وهو محرم، وهو يرتجز بالإبل ويقول:

وهنّ يمشين بنا هميسا ... إن يصدق الطير ننك لميسا

فقلت: أترفث وأنت محرم؟ قال: إنما الرّفث ما روجع به النساء. انظر: الدر المنثور ١/ ٥٢٨، والمستدرك ٢/ ٤٧٦.

(٢) البيت للفرزدق يهجو عمر بن هبيرة، يقول:

أمير المؤمنين وأنت وال ... شفيق لست بالوالي الحريص

أأطعمت العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص

وهو في ديوانه ص ٣٣٨، والمجمل ٢/ ٣٩٠.

الأحذّ: المقطوع اليد، أراد أنه قصير اليدين عن طلب المعالي.