مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

رهو

صفحة 368 - الجزء 1

  رَهِينٌ ومَرْهُونٌ. ويقال في جمع الرَّهْنِ: رِهَانٌ ورُهُنٌ ورُهُونٌ، وقرئ: فَرُهُنٌ مقبوضة⁣(⁣١) و {فَرِهانٌ}⁣(⁣٢)، وقيل في قوله: {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}⁣[المدثر: ٣٨]، إنه فعيل بمعنى فاعل، أي: ثابتة مقيمة. وقيل: بمعنى مفعول، أي:

  كلّ نفس مقامة في جزاء ما قدّم من عمله. ولمّا كان الرّهن يتصوّر منه حبسه استعير ذلك للمحتبس أيّ شيء كان، قال: {بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}⁣[المدثر: ٣٨]، ورَهَنْتُ فلانا، ورَهَنْتُ عنده، وارْتَهَنْتُ: أخذت الرّهن، وأَرْهَنْتُ في السِّلْعة، قيل: غاليت بها، وحقيقة ذلك: أن يدفع سلعة تقدمة في ثمنه، فتجعلها رهينة لإتمام ثمنها.

رهو

  {واتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً}⁣[الدخان: ٢٤]، أي:

  ساكنا، وقيل: سعة من الطَّريق، وهو الصحيح، ومنه: الرَّهَاءُ للمفازة المستوية، ويقال لكلّ جوبة⁣(⁣٣) مستوية يجتمع فيها الماء رهو، ومنه قيل: «لا شفعة في رَهْوٍ»⁣(⁣٤)، ونظر أعرابيّ إلى بعير فالج فقال: رَهْوٌ بين سنامين⁣(⁣٥).

ريب

  يقال رَابَنِي كذا، وأَرَابَنِي، فَالرَّيْبُ: أن تتوهّم بالشيء أمرا مّا، فينكشف عمّا تتوهّمه، قال اللَّه تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ}⁣[الحج: ٥]، {وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا}⁣[البقرة: ٢٣]، تنبيها أن لا ريب فيه، وقوله: {رَيْبَ الْمَنُونِ}⁣[الطور: ٣٠]، سمّاه ريبا لا أنه مشكَّك في كونه، بل من حيث تشكَّك في وقت حصوله، فالإنسان أبدا في ريب المنون من جهة وقته، لا من جهة كونه، وعلى هذا قال الشاعر:

  ٢٠٠ - النّاس قد علموا أن لا بقاء لهم ... لو أنّهم عملوا مقدار ما علموا⁣(⁣٦)

  ومثله:

  ٢٠١ - أمن المنون وريبها تتوجّع؟⁣(⁣٧)

  وقال تعالى: {لَفِي شَكٍّ مِنْه مُرِيبٍ}⁣[هود: ١١٠]، {مُعْتَدٍ مُرِيبٍ}⁣[ق: ٢٥]، والارْتِيابُ يجري مجرى الإِرَابَةِ، قال: {أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ}⁣[النور: ٥٠]، {وتَرَبَّصْتُمْ وارْتَبْتُمْ}⁣[الحديد: ١٤]،


(١) سورة البقرة: آية ٢٨٣، وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو.

(٢) وهي قراءة الباقين.

(٣) الجوبة: الحفرة.

(٤) الحديث: «لا شفعة في فناء ولا منقبة، ولا طريق ولا ركح ولا رهو». انظر: النهاية ٢/ ٢٨٥، وغريب الحديث ٣/ ١٢١.

(٥) انظر عمدة الحفاظ: رهو.

(٦) البيت في البصائر ٣/ ١١٤ دون نسبة، وهو لديك الجن في محاضرات الأدباء ٤/ ٤٩١، وعمدة الحفاظ: ريب.

(٧) شطر بيت، وعجزه:

والدّهر ليس بمعتب من يجزع

وهو مطلع قصيدة أبي ذؤيب الهذلي العينية. وهو في المفضليات ص ٤٢١، والأغاني ٦/ ٥٨.