مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

فرط

صفحة 631 - الجزء 1

  في الصّدقة فرِيضَةٌ. قال: {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ} إلى قوله: {فَرِيضَةً مِنَ الله}⁣(⁣١) وعلى هذا ما روي (أنّ أبا بكر الصّدّيق ¥ كتب إلى بعض عمّاله كتابا وكتب فيه: هذه فريضة الصّدقة التي فرضها رسول اللَّه على المسلمين)⁣(⁣٢). والفَارِضُ: المسنّ من البقر⁣(⁣٣).

  قال تعالى: {لا فارِضٌ ولا بِكْرٌ}⁣[البقرة: ٦٨]، وقيل: إنما سمّي فَارِضاً لكونه فارضا للأرض، أي: قاطعا، أو فارضا لما يحمّل من الأعمال الشاقّة، وقيل: بل لأنّ فَرِيضَةُ البقر اثنان: تبيع ومسنّة، فالتّبيع يجوز في حال دون حال، والمسنّة يصحّ بذلها في كلّ حال، فسمّيت المسنّة فَارِضَةً لذلك، فعلى هذا يكون الفَارِضُ اسما إسلاميّا.

فرط

  فَرَطَ: إذا تقدّم تقدّما بالقصد يَفْرُطُ⁣(⁣٤)، ومنه: الفَارِطُ إلى الماء، أي: المتقدّم لإصلاح الدّلو، يقال: فَارِطٌ وفَرَطٌ، ومنه قوله #: «أنا فرطكم على الحوض»⁣(⁣٥) وقيل في الولد الصّغير إذا مات: «اللَّهمّ اجعله لنا فَرَطاً»⁣(⁣٦) وقوله: {أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا}⁣[طه: ٤٥]، أي: يتقدّم، وفرس فُرُطٌ: يسبق الخيل، والإِفْرَاطُ: أن يسرف في التّقدّم، والتَّفْرِيطُ: أن يقصّر في الفَرَط، يقال: ما فَرَّطْتُ في كذا. أي:

  ما قصّرت. قال تعالى: {ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ}⁣[الأنعام: ٣٨]، {ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ الله}⁣[الزمر: ٥٦]، {ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ}⁣[يوسف: ٨٠]. وأَفْرَطْتُ القربةَ: ملأتها


(١) {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ والْمَساكِينِ والْعامِلِينَ عَلَيْها والْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وفِي الرِّقابِ والْغارِمِينَ وفِي سَبِيلِ اللَّه وابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّه} سورة التوبة: آية ٦٠.

(٢) عن ثمامة حدّثني أنس بن مالك أنّ أبا بكر الصديق كتب له: «، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول اللَّه على المسلمين التي أمر اللَّه بها رسول اللَّه» الحديث بطوله أخرجه ابن ماجة في الزكاة ١/ ٥٧٥، وأخرجه البخاري مختصرا في الزكاة: باب: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرّق بين مجتمع. انظر: فتح الباري ٣/ ٣١٤.

(٣) انظر: المجمل ٣/ ٧١٦، واللسان (فرض).

(٤) انظر: الأفعال ٤/ ١٢.

(٥) الحديث عن سهل بن سعد قال: قال رسول اللَّه : «إنّي فرطكم على الحوض، من مرّ عليّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا» الحديث أخرجه البخاري في الرقاق ١١/ ٤١٢، ومسلم في باب إثبات حوض نبينا برقم (٢٢٩٠).

(٦) انظر: غريب الحديث ١/ ٤٥، والنهاية ٣/ ٤٣٤. وأخرج الطحاوي عن سمرة بن جندب أنّ صبيا له مات، فقال:

ادفنوه ولا تصلوا عليه، فإنه ليس عليه إثم، ثم ادعوا اللَّه لأبويه أن يجعله لهما فرطا وسلفا. انظر: معاني الآثار ١/ ٥٠٧، وأخرجه البخاري في الجنائز عن الحسن. فتح الباري ٣/ ٢٠٣.