مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

قنط

صفحة 685 - الجزء 1

  بكلّ واحد منهما في قوله تعالى: {وقُومُوا لِلَّه قانِتِينَ}⁣[البقرة: ٢٣٨]، وقوله تعالى: {كُلٌّ لَه قانِتُونَ}⁣[الروم: ٢٦] قيل: خاضعون، وقيل:

  طائعون، وقيل: ساكتون ولم يعن به كلّ السّكوت، وإنما عني به ما قال عليه الصلاة والسلام: «إنّ هذه الصّلاة لا يصحّ فيها شيء من كلام الآدميّين، إنّما هي قرآن وتسبيح»⁣(⁣١)، وعلى هذا قيل: أيّ الصلاة أفضل؟ فقال: «طول القُنُوتِ»⁣(⁣٢) أي: الاشتغال بالعبادة ورفض كلّ ما سواه. وقال تعالى: {إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً}⁣[النحل: ١٢٠]، {وكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ}⁣[التحريم: ١٢]، {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وقائِماً}⁣[الزمر: ٩]، {اقْنُتِي لِرَبِّكِ}⁣[آل عمران: ٤٣]، {ومَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّه ورَسُولِه}⁣[الأحزاب: ٣١]، وقال: {والْقانِتِينَ والْقانِتاتِ}⁣[الأحزاب: ٣٥]، {فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ}⁣[النساء: ٣٤].

قنط

  القُنُوطُ: اليأس من الخير. يقال: قَنَطَ يَقْنِطُ قُنُوطاً، وقَنِطَ يَقْنَطُ⁣(⁣٣). قال تعالى: {فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ}⁣[الحجر: ٥٥]، قال: {ومَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّه إِلَّا الضَّالُّونَ}⁣[الحجر: ٥٦]، وقال: {يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله}⁣[الزمر: ٥٣]، {وإِنْ مَسَّه الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ}⁣[فصلت: ٤٩]، {إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ}⁣[الروم: ٣٦].

قنع

  القَنَاعَةُ: الاجتزاء باليسير من الأعراض المحتاج إليها. يقال: قَنِعَ يَقْنَعُ قَنَاعَةً وقَنَعَاناً:

  إذا رضي، وقَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعاً: إذا سأل⁣(⁣٤). قال تعالى: {وأَطْعِمُوا الْقانِعَ والْمُعْتَرَّ}⁣[الحج: ٣٦]. قال بعضهم⁣(⁣٥): الْقَانِعُ هو السّائل الذي لا يلحّ في السّؤال، ويرضى بما يأتيه عفوا، قال الشاعر:


(١) شطر من حديث معاوية بن الحكم السلمي الطويل، وفيه: ثم قال : «إنّ هذه الصلاة لا يحلّ فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» إلخ. أخرجه مسلم برقم (٥٣٧)، والنسائي ٣/ ١٤، وأبو داود برقم (٩٣٠)، وانظر: شرح السنة ٣/ ٢٣٨.

(٢) الحديث عن جابر قال: قيل للنبي : أيّ الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت». أخرجه مسلم برقم (٧٥٦)، والترمذي (انظر: عارضة الأحوذي ٢/ ١٧٨).

(٣) انظر: الأفعال ٢/ ١١٧.

(٤) وفي ذلك أنشد بعضهم:

العبد حرّ إن قنع ... والحرّ عبد إن قنع

فاقنع ولا تقنع فما ... شيء يشين سوى الطمع

(٥) هو الزجاج في معاني القرآن ٣/ ٤٢٨.