قيل
  جَعَلَ الله لَكُمْ قِياماً}[النساء: ٥]، أي:
  جعلها ممّا يمسككم. وقوله: {جَعَلَ الله الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ}[المائدة: ٩٧] أي: قِوَاما لهم يقوم به معاشهم ومعادهم.
  قال الأصمّ: قائما لا ينسخ، وقرئ:
  قيما(١) بمعنى قياما، وليس قول من قال:
  جمع قيمة بشيء. ويقال: قَامَ كذا، وثبت، وركز بمعنى. وقوله: {واتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: ١٢٥]، وقَامَ فلان مَقَامَ فلان: إذا ناب عنه. قال: {فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيانِ}[المائدة: ١٠٧]. وقوله: {دِيناً قِيَماً}[الأنعام: ١٦١]، أي: ثابتا مُقَوِّماً لأمور معاشهم ومعادهم. وقرئ: قيما(٢) مخفّفا من قيام. وقيل: هو وصف، نحو:
  قوم عدى، ومكان سوى، ولحم زيم(٣)، وماء روى، وعلى هذا قوله تعالى: {ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[يوسف: ٤٠]، وقوله: {ولَمْ يَجْعَلْ لَه عِوَجاً قَيِّماً}[الكهف: ١ - ٢]، وقوله: {وذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: ٥] فَالْقَيِّمَةُ هاهنا اسم للأمّة القائمة بالقسط المشار إليهم بقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}[آل عمران: ١١٠]، وقوله: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّه}[النساء: ١٣٥]، {يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}[البينة: ٢ - ٣] فقد أشار بقوله: {صُحُفاً مُطَهَّرَةً} إلى القرآن، وبقوله: {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ}[البينة: ٣] إلى ما فيه من معاني كتب اللَّه تعالى، فإنّ القرآن مجمع ثمرة كتب اللَّه تعالى المتقدّمة. وقوله: {الله لا إِله إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}[البقرة: ٢٥٥] أي:
  القائم الحافظ لكلّ شيء، والمعطى له ما به قِوَامُه، وذلك هو المعنى المذكور في قوله: {الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى}[طه: ٥٠]، وفي قوله: {أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ}[الرعد: ٣٣]. وبناء قَيُّومٍ:
  فيعول، وقَيَّامٌ: فيعال. نحو: ديّون وديّان، والقِيامَةُ: عبارة عن قيام الساعة المذكور في قوله: {ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}[الروم: ١٢]، {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ}[المطففين: ٦]، {وما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً}[الكهف: ٣٦]، والْقِيَامَةُ أصلها ما يكون من الإنسان من القيام دُفْعَةً واحدة، أدخل فيها الهاء تنبيها على وقوعها دُفْعَة، والمَقامُ يكون مصدرا، واسم مكان القيام، وزمانه. نحو: {إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وتَذْكِيرِي}[يونس: ٧١]،
(١) وهي قراءة ابن عامر. الإتحاف ص ٢٠٣.
(٢) وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف. الإتحاف ص ٢٢٠.
(٣) لحم زيم: متعضّل ليس بمجتمع في مكان فيبدن. اللسان (زيم).