دمار الشرك
  وقال في ذلك: «عجبا لابن النابغة! يزعم لأهل الشام أنّ فيّ دعابة وأنّي امرؤ تلعابة أعافِس وأمارس»(١).
  وعمرو بن العاص إنّما أخذها من عمر لقوله له لمّا عزم على استخلافه: الله أبوك لولا دعابة فيك!، إلّا أنّ عمر اقتصر عليها، وعمرو زاد فيها وسمّجها.
  وقال صعصعة بن صوحان وغيره من شيعته وأصحابه: كان فينا كأحدنا لين جانب، وشدّة تواضع، وسهولة قياد، وكنّا نهابه مهابة الأسير المربوط للسيّاف الواقف على رأسه(٢).
  وقال معاوية لقيس بن سعد: رحم الله أبا الحسن، فلقد كان هشّاً بشّاً ذا فكاهة.
  فقال قيس: نعم كان رسول الله يمزح ويبتسم إلى أصحابه، وأراك تُسرُ حَسْواً في ارتغاء وتعيبه بذلك! أما والله لقد كان مع تلك الفكاهة والطلاقة أهيب من ذي لبدئين، قد مسّه الطّوى؛ تلك هيبة التقوى، ليس كما يهابك طغامُ الشام.
  قال ابن أبي الحديد: وقد بقي هذا الخُلق متوارثاً متناقلاً في محبّيه وأوليائه إلى الآن، كما بقي الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الآخر، ومن له أدنى معرفة بأخلاق النّاس وعوائدهم يعرف ذلك(٣).
٨٠ - دمار الشرك
  الدّمار الهلاك، ولا شك في أنّه # أهلك الشرك وأهله، ودمّر شابه وكهله، ولم يكن لأحد من الصحابة في ذلك ما كان له، ولو أخذنا نذكر وقعاته ونعدّ في المشركين فعلاته لطالت أفانين الكلام، واقتلت شباه الأقلام، ومن أراد ذلك أخذه من مظانّه، وطالعه في مكانه، وقد ذكرت في كتاب «شرح المفاخرة» وكتاب «التفصيل في التفضيل»(٤) طرفاً من ذلك.
(١) نهج البلاغة، ص ١١٥، الخطبة ٨٤.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١/ ٢٥.
(٣) نفس المصدر، ١/ ٢٥ و ٢٦.
(٤) الكتابان للمؤلّف | ولم نعثر على الأوّل وهو شرح على كتابه «الطّرازين المعلّمين في المفاخرة بين الحرمين» والثاني مصور عندنا.