البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

كهف الأرامل والأيتام

صفحة 132 - الجزء 1

  وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيّام خلافته بيده بعد عجز الجيش كلّه عنها فنبع الماء من تحتها⁣(⁣١).

  وقد أمره رسول الله ÷ لهدم «قليس» وكانت لطيء ومن يليها، فهدمها فوجد فيها سيفين يقال لأحدهما: الرسوب، وللآخر المخذم، فأتى بهما رسول الله ÷ فوهبهما له فهما سيفاه، ذكره ابن هشام في السيرة النبويّة.

  وذكر ابن أبي الحديد في شرحه، من المغازي للواقدي: أنّ رسول الله ÷ دخل مكّة وحولها ثلاث مائة وستون صنماً أعظمها «هبل» فجعل كلّما مرّ بصنم يشير بقضيب في يده، وهو يقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ٨١}⁣[الإسراء]، فيقع الصنم لوجهه، ثمّ أمر بهبل فكسر، وهو واقف عليه فقال الزبير لأبي سفيان: يا أبا سفيان قد كسر هبل، أما إنّك قد كنت منه يوم أحد في غرور حين تزعم أنّه قد أنعم.

  فقال: دع هذا عنك يابن العوام، فقد أرى أن لو كان مع إله محمّد غيره لكان غير ما كان⁣(⁣٢). وهذه الرواية لا تنافي ما ذكرناه من كونه # هو الذي كسر «هبل» لأنّه قال هنا: أمر بكسره، والمأمور بكسره أمير المؤمنين، فصحّ ما ذكرناه.

٩٨ - كهف الأرامل والأيتام

  هذا الاسم مأخوذ من تحننه # على الأرامل والأيتام، وذلك معروف من سيرته أيّام خلافته، وأنّه كان أبرّ بالأرملة واليتيم من أبويهما، ويدلّك على ذلك ما كان عليه من تفريق ما يجتمع معه من بيت المال.

  ولما دخل البصرة بعد وقعة الجمل وكان بيت مالها ملآناً بالمال، وكان الزبير وطلحة، قد استوليا على ذلك فقال الزبير لما رآه: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ}⁣[الفتح: ٢٠] قال: فنحن أحق بها من أهل البصرة، فأخذ ذلك المال كلّه.


(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١/ ٢١.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١٧/ ٢٧٩.