زاكي المناصب
  وحرف»، ومن جملتها: تقسيم الكلمة إلى معرفة ونكره، وتقسيم وجوه الإعراب إلى الرفع والنصب والجرّ والجزم، وهذا يكاد يلحق بالمعجزات لأنّ القوّة البشريّة لا تفي بهذا الحصر، ولا تنهض بهذا الاستنباط، انتهى(١) كلامه.
  وأقول: الأمر على ما ذكره في هذه الفنون، وأمير المؤمنين فيها هو القطب الذي يدور عليه رحاها، والشمس التي يشرق بها ضحاها، فهو «زخّار العلوم» وطود الحلوم وإمام العلماء وملك الحكماء.
٢٥٠ - زاكي المناصب
  الأصل في ذلك ما رواه صاحب الكفاية بإسناده عن ابن عبّاس قال: قال النبي ÷: «خلق الله قضيباً من نور قبل أن يخلق الدنيا بأربعين ألف عام، فجعله أمام العرش حتّى كان أوّل مبعثي، فشقّ منه نصفاً، فخلق منه نبيّكم، والنصف الآخر علي بن أبي طالب»(٢).
  و روى صاحب الكفاية بإسناده عن جابر بن عبدالله قال: سألت رسول الله ÷ عن ميلاد علي بن أبي طالب # فقال: «لقد سألتني عن خير مولود، ولد في شبه المسيح #».
  قال #: «إنّ الله خلق عليّاً من نوري، وخلقني من نوره، كلانا من نور واحد، ثمّ إنّ الله سبحانه نقلنا من صلب آدم # في أصلاب طاهرة إلى أرحام زكيّة فما تنقلت من صلب إلّا نقل علي معي، فلم نزل كذلك حتّى استودعني خير رحم وهي آمنة، واستودع عليّاً خير رحم وهي فاطمة بنت أسد»(٣).
  وذكر ابن أبي الحديد في شرحه قال في علي #: آباؤه آباء رسول الله ÷ وأُمّهاته أُمّهاته، وهو منوط بلحمه ودمه، ولم يفارقه منذ خلق الله آدم إلى أن ماز بينهما عبد المطّلب بين الأخوين عبدالله وأبي طالب(٤).
  وقد أحسن من قال:
  إنّ علي بن أبي طالب ... جداً رسول الله جدّاهُ
  أبو علي وأبو المصطفى ... من طينة طهّرها اللهُ(٥)
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١/ ١٧ - ٢٠.
(٢) كفاية الطالب، ص ٣١٤.
(٣) نفس المصدر، ص ٤٠٦.
(٤) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١/ ٣٠.
(٥) محاسن الأزهار، ص ٣٣٨.