العابد
  أمّا الظاهر، فلأنّ من يتسوّر البيوت من ظهورها هو السارق.
  وأمّا الباطن، فمن طلب العلم من غير أهله ولا أستاذ محقّق، فلم يأت العلم من بابه فهو أشبه شيء بالسارق(١).
  وقد تقدّم لنا كلام في علمه # وسيأتي إن شاء الله تعالى في تفسير «قاموس علم رسول الله ÷».
١٧٢ - العابد
  قد تقدّم لنا كلام في تفسير هذا الاسم.
  وعبادة أمير المؤمنين # معروفة، وهي في الحقيقة غير موصوفة؛ لأنّها أشهر من صفاتها وأعظم من التعريف بكيفياتها، وهي تقرب أن تكون داخلة في عبادة الأنبياء المرسلين.
  وكما قال ابن أبي الحديد: وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له نطع بين الصفّين ليلة الهرير، فيصلّي عليه ورده كاملاً، والسهام تقع بين يديه وتمر على صماخيه؛ فلا يرتاع لذلك، ولا يقوم حتّى يفرغ من وظيفته، ويأتي على ما يريد من عبادته، قال: وما ظنك برجلٍ كانت جبهته كثفنة البعير من طول سجوده(٢).
  وليتصفّح متصفّح مواعظه وزواجره وخطبه في الحثّ على العبادة، وأوامره ولم يكن ليأمر بشيء من الطاعة إلّا وقد سبق إليه، ولا ليحثّ على شيء من العبادة إلّا وقد حلق عليه.
  ومن كلامه # في ذلك: «أيها النّاس إنّي والله ما أحثّكم على طاعة إلّا وأستبقكم إليها ولا أنها كم عن معصية إلّا وأتناهي قبلكم عنها»(٣).
  فقد رأيت صدق ما ذكرناه في حقه # فهو العابد الكامل، والعالم العامل.
  وانظر إلى وصفه لأصحاب رسول الله ÷، فإنّما وصف في الحقيقة نفسه، لأنّه سيّد
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ٩/ ١٦٠ - ١٦٦.
(٢) نفس المصدر، ٢٧/ ١.
(٣) نهج البلاغة، ص ٢٥٠، الخطبة ١٧٥.