البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

الشمير في حرب المشركين والبغاة

صفحة 282 - الجزء 1

  ولا زيادة على جلد أمير المؤمنين وذكائه، أعطاء الله من القوّة والذكاء ما لم يعط أحداً غيره، وقد تقدّم شرح «ذكيّ الفؤاد» في حرف الذال.

  قال في النهاية: الشهم الذكيّ الفؤاد، وأورد الحديث: «كان شهماً نافذاً في الأمور ماضياً»⁣(⁣١) ولم يزد على هذا شيئاً.

٢٨٤ - الشمّير في حرب المشركين والبغاة

  قد تقدّم لنا كلام في هذا المعنى، ووصفنا من أحواله # في الشجاعة والبسالة ما في بعضه كفاية، ونذكر هاهنا ما ذكره الفقيه حُميد ¥، قال |:

  وروينا عن سعيد بن المسيب قال: لقد أصاب عليّاً يوم أُحد ستّ عشرة ضربة، ضربة منها تلزمه الأرض، فما كان يرفعه إلّا جبرئيل⁣(⁣٢).

  وهذا هو معنى «الشمّير في حرب المشركين» أي يحصل به # هذه الجراحات الكثيرة فلا يعتدّ بواحدة منها ويجعلها سبباً في ترك الحرب، ولكنّه # نفس رسول الله ÷ ومن ها هنا قال جبرئيل # لمحمد ÷: «هذه هي المواساة»⁣(⁣٣).

  قال الفقيه حُميد ¥: وروينا عن المشجع بن ورط⁣(⁣٤) النهدي: أنّ أباه حدّثه - وكان جاهلياً - قال: شهدتُ هوازن - يوم هوازن - ولقينا رسول الله ÷ فرأيتُ في عسكره رجلاً لا يلقاء رجل إلّا دهداه، ولا يبرز إليه شجاع إلّا أرداه، فصمد له، وبرز إليه الجلموز بن قريع، وكان - والله - ما علمته حوشيّ القلب شديد الضرب، فأهوى له الرجل بسيفه فاحتلي تحف رأسه على أمّ دماغه فحدتُ عنه، وجعلتُ أرمقه وهو لا يقصد ركاكه، ولا يؤم إلّا صناديد الرجال، لا يدنو من رجل إلّا قتله، وكانت الدبر لمحمّد ÷ علينا، فأسلمتُ بعد ذلك، فتعرّفتُ الرجل فإذا هو علي بن أبي طالب، وبالله لقد رأيتُ زنده فخلته أربع أصابع، وإنّ أوّل خنصره كأخر مفصل من مرفقه⁣(⁣٥).


(١) النهاية لابن الأثير، ٥١٦/ ٢.

(٢) أسد الغابة، ٤/ ٩٣: ٣٧٨٩؛ شرح الأخبار، ٢/ ٤١٥: ٧٦٢.

(٣) تنبيه الغافلين، ص ٥٢: مجمع الزوائد، ٦/ ١١٤.

(٤) في المصدر: «قارظ».

(٥) محاسن الأزهار، ص ١٤٤.