١٠٦ - كنز الفقراء

  هذا الاسم مأخوذ من حفظه لأموال الله عن الذهاب في غير مرضاة الله وتفريقه لها في الفقراء ابتغاء وجه الله.

  والأصل في ذلك ما ذكرناه من أنّه كان يكنس بيوت الأموال، ويصلّي فيها وكيف لا يكون ذلك؟ وهو الذي قال: «يا صفراء ويا بيضاء غرّي غيري»⁣^(⁣١).

  وهو الذي لم يخلّف ميراثاً، وكانت الدنيا كلّها بيده، إلّا ما كان من الشام وهو الذي قال فيه معاوية: لو كان له بيتان من تبن ومن تبر لأنفق تبره قبل تبنه⁣^(⁣٢).

  وهل «كنز الفقراء» إلّا من كانت هذه خلائقه وسجاياه وشمائله ومزاياه؟!.

  وقد أثر على نفسه وأولاده بما يملكه، ونزل من أجله فيه وفيهم فضل سورة الدهر المتلوّة على مرور الدهر.

  وكيف ترى جوده بما في يده لغيره من الفقراء والمساكين؟ هذا لا يسمى جوداً إنّما هي أمانة أوصلها إلى أهلها ووضعها في محلّها، وإنّما الجود ما كان بما يملكه الإنسان، لا بما هو قيّم عليه ووليّ للأيتام والأرامل والفقراء والمساكين فيه.

  وما أحقّه بقول بديع الزمان:

  كأنّ أبانا أودع الملك الّذي ... قصدناه كنزاً لم يسع منعه مطل

١٠٧ - الكبريت الأحمر

  هذا الاسم جامع لمعاني فضائله ومحامد شمائله، وأنّها معدومة في غيره وقليلة الوجود في سواه، فهو في نفسه كـ «الكبريت الأحمر» يضرب مثلاً في العزّة، وناهيك بمن كانت فضائله فوق ما ذكرناه، وأوصافه أعظم بما رسمناه موصوفاً بهذه الأسماء ومحبوباً لأهل الأرض والسماء.

  [قال المصنّف في المستدرك من كتابه:

(١) نهج البلاغة، ص ٤٨٠، قصار ٧٧ قريب منه.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١/ ٢٢.