العدل في القضاء
  وأقول: من كان هذه صفته فهو جدير بأن يسمى «العروة الوثقى» لأنّها منجية لمن تمسّك بها، ومن تمسّك بحبّ أمير المؤمنين وولايته كان من الفائزين، ولثواب الله غداً من الحايزين، فالتمسّك بمحبّته سبب السلامة، وموصل إلى دار الكرامة.
  جعلنا الله ممَّن تمسّك بولايته، وتنسّك بمحبّة محمّدٍ وآله.
١٧٥ - العدل في القضاء
  الأصل في ذلك ما ورد عن النبي ÷ أنّه قال لأمير المؤمنين # حين بعثه إلى اليمن قاضياً.
  قال #: فقلت: يا رسول الله تبعثني وأنا غلام حدث السنّ، لا علم لي بالقضاء؟ فوضع يده على صدري وقال: «إنّ الله سيهدي لسانك ويثبت قلبك»، فما شككتُ في قضية بعدُ(١).
  و روي صاحب الكفاية - وقد أفرد باباً في غضب النبي ÷ لمخالفة حكم علي # - بإسناده إلى عمران بن حصين قال: بعث رسول الله ÷ جيشاً واستعمل عليهم عليّاً، فمضى في السرية، فأصاب جاريةً فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله ÷: إذا لقينا رسول الله ÷ نخبره بما صنع عليُّ! فلمَّا قدمت السرية على رسول الله ÷ قام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر، عليٌّ صنع كذا وكذا؟
  فأعرض عنه النبي ÷، ثمّ قام الثاني فقال مثل مقالة الأوّل، فأعرض عنه، ثمّ قام الثالث فقال مثل مقالتهما، فأعرض عنه، ثمّ قام الرابع، فقال مثل ما قالوا.
  فأقبل عليهم رسول الله ÷ والغضب يُعرف في وجهه ثمّ قال: «ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّ كل مؤمن من بعدي، فلا تخالفوه في حكمه»(٢).
  وفي رواية: فأقبل رسول الله ÷ على الرابع، وقد تغيّر وجهه فقال: «دعوا عليّاً، دعوا عليّاً، إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي»(٣).
  وهذا نهاية الشهادة له بأنّه «عدل في القضاء» فلا تطرق إليه تهمة على الإطلاق.
(١) كفاية الطالب، ص ١٠٧.
(٢) نفس المصدر، ص ١١٤.
(٣) نفس المصدر، ص ١١٥.