البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

غشمشم يوم النزال والغارات

صفحة 217 - الجزء 1

  ولما قال # لمعاوية في بعض أيّام صفّين: «يبرز إليه ليستريح الفريقان من القتال يقتل أحدهما صاحبه».

  قال له عمرو بن العاص: لقد أنصفك، فقال معاوية: والله ما غششتني منذ صحبتني إلّا اليوم، أتأمرني بمبارزة أبي حسن أراك طمعت في إمارة الشام؟⁣(⁣١).

  وقال # في بعض كلامه: «إنّي والله لو لقيتهم واحداً واحداً وهم طلاع الأرض كلّها ما هاليت، ولا استوحشت»⁣(⁣٢).

  ومن كلامه #: «والله إنّ امْرَءاً يُمكّنُ عدوّه من نفسه يعرق لحمه، ويهشم عظمه ويفري جلده؛ لعظيمٌ عجزه، ضعيفٌ ما ضمّت عليه جوانح صدره، وأنت فكن ذاك إن شئت، فأمّا أنا في الله دون أن أعطي ذلك ضربٌ بالمشرفيّةِ تطير منه فراش الهام وتطيح السواعد والأقدام، ويفعل الله بعد ذلك ما يشاء»⁣(⁣٣).

  ومبارزاته للأبطال معروفة، وأحواله في الظهور عليهم ظاهرة مكشوفة.

١٩٠ - غَشَمْشَم يوم النزال والغارات

  الغَشَمْشَمُ الذي يركب دابته لا يثنيه شيء عمّا يريده ويهواه، من شجاعته، وفي المثل غشمشم يغشي أو يَعشى الشجر.

  والمراد أنّه # لم يكن يثنيه عن منازلة الأقران ومصاولة الشجعان شيء من الأشياء، وكيف؟ وهو الذي ما كاع عن مصاع ولا تأخر مرّة عن قراع، وما فرّ قطّ، وما ضرب إلّا قطّ، وهو كما وصفه السيّد الرضي بقوله: كلام من ينغمس في الحرب مصلتاً سيفه فيقطّ الرقاب ويجدل الأبطال، ويعود به ينطف دماً ويقطر مهجاً، وهو مع تلك الحال زاهد الزهّاد وبدل الأبدال، وهذه من فضائله العجيبة وخصائصه اللطيفة التي جمع بها بين الأضداد، وألّف بين الأشتات، وكثيراً ما أذاكر الإخوان بها واستخرج عجبهم منها⁣(⁣٤).


(١) الصراط المستقيم، ١/ ١٦٠، شرح نهج البلاغة، ٥/ ٢١٧ وانظر ٢٠/ ١.

(٢) نهج البلاغة، ص ٤٥٢، كتاب ٦٢.

(٣) نفس المصدر، ص ٧٨، الخطبة ٣٤.

(٤) نفس المصدر، ص ٣٥، المقدّمة.