البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

كشاف الكروب

صفحة 139 - الجزء 1

١٠٤ - كشّاف الكروب

  هذا الاسم مأخوذ من كشفه الكرب عن وجه رسول الله ÷ ونذكر هاهنا قصّة الخندق، وما فرج الله بها من الكرب العظيم، وكشف به من حندسه البهيم.

  والخندق كان من أعظم ما بلي به المسلمون من الشدائد، ولهذا قبل: كان رسول الله ÷ في أشدّ أحواله وفي أسرّ أحواله، فأمّا الأشدُّ ففي حالة حفر الخندق، وأمّا الأسرّ فحين وقف بعرفات ورأى جمع المسلمين.

  وإذا شئت أن تعرف صورة الحال في ذلك فاقرأ قول الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ١٠ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ١١}⁣[الأحزاب] إلى آخر الآيات.

  فإنّها مخبرة بحقيقة الحال، ومبيّنة لما كان هنالك من عظيم الأوجال، وكشف الله ذلك كلّه بفضله، وقتال علي بن أبي طالب وقتله لعمرو بن عبدودٌ.

  وقد ذكر ابن أبي الحديد، هذه القصّة وروى فيها عن النبي ÷ حديثاً عظيماً قد ذكرناه، وهو: «أنّ أعمال أُمّته من أولها إلى آخرها لو وازنت قتل أمير المؤمنين # لعمرو بن عبدود ما وازنتها»⁣(⁣١).

  فأحسبه قد أشار إلى هذا في كفاية الطالب رواه الحاكم في تنبيه الغافلين وقد تقدّم⁣(⁣٢).

  وكان عمرو بن عبدودٌ من أشجع قريش، ولم يحضر يوم أحد لجراحة به من يوم بدر، فحضر الخندق ونزل فيه بفرسه، وفي رواية أنّه عرقب فرسه وأخذ يرتجز:

  ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز ... ووقفت إذجبن المشجّع موقف القرن المناجز

  أني كذلك لم أزل مستسرعا نحو الهزاهز ... إنّ الشجاعة في الفتي والجود من خير الغرائز

  فأتى جبرئيل إلى رسول الله ÷ فقال: مر عليّاً يبرز، فبرز إليه أبو الحسن وهو يرتجز ويقول:


(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١٣/ ٢٨٤ وأيضاً ١٩/ ٦١.

(٢) تنبيه الغافلين، ص ٩٠، تقدّم في: «جابر العظم الكسير» رقم ٤٥، وانظر كفاية الطالب، ص ٧٨.