الزكي
  ءأقنع من نفسي بأن يقال: «أمير المؤمنين» ولا أشاركهم في مكاره الدهر؟ أو أكون أسوةً لهم في خشونة العيش؟
  فما خلقتُ لتشغلني أكل الطيّبات كالبهيمة المربوطة همّها علفها والمرسلة شغلها نهمتها تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها؟
  أو أترك سدى أو أهمل عابثاً أو أجرّ حبل الضلالة وأعتسف طريق المتاهة؟
  وكأنّي بقائلكم يقول: إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان!
  ألا، وإنّ الشجرة البريّة أصْلَبُ عوداً، والروائع الخضرة أرقُّ جُلوداً، والنباتات العدوية أقوى وقوداً وأبطأُ خموداً.
  وأنا من رسول الله ÷ بمنزلة الصنو من الصّنو، والذراع من العضد.
  والله، لو تظاهرت العرب على قتالي لما رئَيت عنها، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها».
  حتّى قال: «إليك عنّي يا دنيا، فحبلك على غاربك قد انسللت من مخاليك وأفلت من حبائلك واجتنبت الذهاب في مداحضك»(١).
  إلى آخر كلامه # في هذا الكتاب، وقد تقدّم شيء منه، وأعدناه استظهاراً.
٢٤٤ - الزكيّ
  هذا الاسم مأخوذ له # من زكاوته في أصله، وفعله، وخلقه، وشمائله، وسائر أحواله وأفعاله، فقد زكا شرفاً وفضلاً وقولاً وفعلاً.
  و روى صاحب الكفاية بإسناده عن ابن عبّاس قال: يا رسول الله، فمن أفضل النّاس بعدك؟ فذكر نفراً من قريش ثمّ قال: «علي بن أبي طالب».
  [فقلت]: يا رسول الله فأيّهم أحبّ إليك؟ قال: «عليٌّ».
  فقلت: ولم ذاك؟ قال: «خلقت أنا وعليٌّ من نور واحد»(٢).
(١) نهج البلاغة، ص ٤١٧، ٤١٩، الكتاب ٤٥.
(٢) كفاية الطالب، ص ٣١٦.