الذابل الشفتين من ذكر الله
٩٣ - الذابل الشفتين من ذكر الله
  ذبل البقل يذبل ذبلاً وذبولاً إذا ذوى، وذابل الشفة يابسها، وهذا كالتكملة للاسم الذي قبله، لأنّه بيان لكثرة الذكر، والمداومة عليه، وهو من كلامه # في وصف الذاكرين، قال: «ذبل الشفاء من الدعاء، مره العيون من البكاء»(١).
  والذكر من درجات العارفين، قال الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}[البقرة: ١٥٢].
  وقال ثابت البُناني(٢): «أنا أعلم متى يذكرني ربّي» ففزعوا منه، فقال أنا إذا ذكرته ذكرني، وتلا هذه الآية، فسكتوا(٣).
  وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ٤١}[الأحزاب] وقال تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}[البقرة: ٢٠٠] وقال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}[النساء: ١٠٣] وكما قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا}[آل عمران: ١٩١] وقال تعالى في ذمّ المنافقين: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ١٤٢}[النساء] وقال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}[الأعراف: ٢٠٥] وقال تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}[العنكبوت: ٤٥].
  وقال النبي ÷: «ذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء في وسط الهشيم»(٤)
  وقال ÷: «من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر من الذكر»(٥).
  وسئل ÷ أيّ الأعمال أفضل؟. فقال: «أن تموت ولسانك رطب بذكر الله»(٦).
  وقال ÷ حكاية عن الله تعالى: «إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني
(١) نهج البلاغة، ص ١٧٨، الخطبة ١٢١.
(٢) هو ثابت بن أسلم البصري، قال ابن حجر: مات سنة سبع وعشرين من الهجرة وهو ابن ست وثمانين، تقريب التهذيب. ١/ ١١٥.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١٥٣/ ١٠.
(٤) جامع الأصول، ٥/ ٢٤٤، ح ٢٥٧٢، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد. ١٠/ ١٥٣.
(٥) كنز العمّال. ١/ ٤٣٨، ح ١٨٨٧؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١٠/ ١٥٣.
(٦) كنز العمّال، ١/ ٤١٤، ح ١٧٥٢؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١٠/ ١٥٤.