البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

الزاهد

صفحة 259 - الجزء 1

حرف الزاي

٢٤٣ - الزاهد

  الأصل في هذا ما رواه صاحب الكفاية بإسناده إلى رسول الله ÷ أنّه قال: «يا علي إنّ الله قد زيّنك بزينةٍ لم يتزيّن العباد بزينة أحبّ إلى الله منها: «الزهد في الدنيا» وجعلك لا تنال من الدنيا شيئاً، ولا تنال الدنيا منك شيئاً.

  وهب لك حبّ المساكين فرضوا بك إماماً، ورضيت بهم أتباعاً، فطوبى لمن أحبّك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فأمّا الذين أحبّوك وصدقوا فيك فهم جيرانك في دارك ورفقاؤك في قصرك، وأمّا الذين أبغضوك وكذبوا عليك فحقّ على الله أن يوقفهم موقف الكذّابين يوم القيامة»⁣(⁣١).

  وقد تقدّم لنا كلام في زهده # وذكرنا من خصائصه في الزهد ما لم يكن لأحد سواه، ونذكر هاهنا طرفاً من كلامه في كتابه إلى عثمان بن حنيف الأنصاري:

  قال #: «ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفي من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه»⁣(⁣٢).

  حتّى قال: «فإنّما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، ويثبت على جوانب المزلق، ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل ولباب هذا القمح ونساج هذا القزّ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي أو يقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة، ولعلّ بالحجاز أو باليمامة من لا عهد له بالشبع ولا طمع له في القرص.

  أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى؟ أو أكون كما قال القائل:

  وحسبك داءً أن تموت ببطنةٍ ... وحولك أكباد تحن إلى القدّ


(١) كفاية الطالب، ص ١٩٢.

(٢) نهج البلاغة، من ٤١٧، خطبة ٤٥.