كاتب الصحيفة والأحكام
  فلمّا غلب أمير المؤمنين # ردّ تلك الأموال إلى بيت المال وقسّمها على المسلمين ولم يستأثر منها بشيء.
  وفي كلام ابن أبي الحديد | في وصفه #: ما قال لسائل قط: «لا»، وكانت الأموال تجبى إليه من جميع بلاد الإسلام إلّا من الشام، فكان يفرقها ويمزقها ويقول(١):
  هذا جناي وخياره فيه ... إذ كلّ جانٍ يده إلى فيه
  وهو الذي كتب إلى ابن عبّاس ذلك الكتاب العظيم حين أخذ مال البصرة وقال: «والله لو أنّ الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت ما كانت لهما عندي هوادة ولا ظفرا منّي بإرادة»(٢).
  وقال فيه #: «فلما أمكنتكم الشدّة في خيانة الأمة أسرعت الكرّة، وعاجلت الوثبة، واختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم وأيتامهم اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى الكسيرة»(٣).
  فانظر كيف صرّح # بأنّ هذه الأموال مصونة للأرامل والأيتام فهو # كهف الأرامل والأيتام. والمراد تحنّنه عليهم وأداءه أموال الله إليهم.
٩٩ - كاتب الصحيفة والأحكام
  هذا الاسم من جملة أسمائه # المشتقة من أفعاله في الإسلام، ونريد بالصحيفة، صحيفة الصلح بين رسول الله ÷ وبين أهل مكّة يوم الحديبيّة، فإنّه # الذي كتبها بأمر رسول الله ÷ وإملائه.
  وأمّا الأحكام فذكر أبو الخطاب في كتابه «المستوفى»: أنّ رسول الله ÷ كان له ستة وثلاثون كاتباً يكتبون بين يديه، وكان أمير المؤمنين # كاتب الأقضية والأحكام.
  فأشرنا إلى ذلك، وهذا دليل على أنّ كتابة الأحكام والأقضية أفضل من كتابة غيرها. ولأنّها أمانات وشرائع فلا يوثق على كتابتها إلّا بأفضل النّاس عنده.
  لا يقال: كتابة الوحي أفضل منها!
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ٢٦/ ١.
(٢) نهج البلاغة، ص ٤١٣، كتاب ٤١.
(٣) نفس المصدر.