البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

الظاعن عن الدنيا

صفحة 233 - الجزء 1

  ومعلوم أنّ أمير المؤمنين # دفع عن المسلمين من الأذى والبلاء ما لم يدفعه غيره من الخلفاء، وذكر ذلك يطول.

٢٠٩ - الظاعن عن الدنيا

  هذا الاسم أخذناه من كلامه # في وصيّته لابنه الحسن # قال: «من الوالد الفان المقر للزمان» حتّى قال: «الذامّ للدنيا، الساكن مساكن المرتي، الظاعن إليهم عنها غداً»⁣(⁣١).

  فهو كما ترى وصف نفسه الشريفة بهذه الأوصاف وسماها بهذه الأسماء.

  فإن قلت: كلّ أحدٍ ظاعن عن الدنيا، وهذا الاسم لا طائل تحته، وإنّما يذكر من الأسماء ما يفيد مدحاً ويكسب فضلاً.

  قلت: المدح في معنى ذلك، لأنّه # عمل عمل من هو ظاعن عن الدنيا، فلم يعمرها، ولم ينظر إليها، ولم يعوّل في شيء من الأحوال عليها، وجعلها مجازاً إلى الآخرة ولم يعرها طرفاً، كما قال في وصف رسول الله ÷: «قضم الدنيا قضما ولم يعرها طرفاً، أهضم أهل الدنيا كشحاً، وأخمصهم منها بطناً، عرضت عليه الدنيا فلم يقبلها، وعلم أنّ الله أبغض شيئا فأبغضه، وحقّر شيئاً فحقّره، وصغّر شيئاً فصغره»⁣(⁣٢).

  فهذا هو المراد بقوله #: «الظاعن عنها غداً» لأنّه قال بعد وصفه لرسول الله ÷: «فتأسى متأسٍّ بنبيّه الأطهر، فاقتصَّ أثره وولج مولجه»⁣(⁣٣).

  فنقول: إنّه # المختصّ بهذا الوصف الشريف، والمرتقي إلى هذا المحل المنيف.

٢١٠ - الظريف في إصلاح آخرته

  هذا الاسم مأخوذ من الحديث النبوي: «إنّ أكيسكم أكثركم ذكراً للموت، وأحزمكم أحسنكم استعداداً له»⁣(⁣٤).


(١) نهج البلاغة، ص ٣٩١، الكتاب ٣١.

(٢) نفس المصدر، ص ٢٢٨، خطبة ١٦٠.

(٣) نفس المصدر، ص ٢٢٩، خطبة ١٦٠.

(٤) الترغيب والترهيب، ٤/ ٢٣٨، ح ٦.