البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

الغلاب في الوقعات

صفحة 216 - الجزء 1

  وفيه «وليس لها إلّا أبو حسن» متأوّلٌ، جرت هذه الكلمة مجرى المثل، لما كان أمير المؤمنين # في ذلك منتهى السؤل والأمل.

  وذكر في الكفاية: أنّ عمر بن الخطاب لقي حذيفة بن اليمان فقال له: كيف أصبحت يابن اليمان؟ فقال: كيف تريدني أصبح؟ أصبحت والله أكره الحقّ، وأحبّ الفتنة، وأشهد بما لم أره، وأصلّي على غير وضوء، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء.

  فغضب عمر لقوله وانصرف من فوره، وعزم على أذى حذيفة لقوله ذلك، فبينا هو في الطريق إذ مرّ بعلي بن أبي طالب # فرأى الغضب في وجهه فقال: «ما أغضبك يا عمر؟» فقال: لقيت حذيفة فسألته: كيف أصبحت؟ فقال الكلام إلى آخره.

  ثمّ فسره # فقال: «الحقّ الموت، والفتنة المال والولد، قال الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}⁣[التغابن: ١٥] وشهد بما لم يره يشهد لله بالوحدانيّة والموت والبعث والصراط والقيامة ولم ير ذلك، ويصلّي على غير وضوء يصلّي على ابن عمي رسول الله ÷».

  فقال: يا أبا الحسن قد قال ما هو أكبر من ذلك، قال: «وما هو قال؟» قال: إنّ لي في الأرض ما ليس لله في السماء، قال: «صدق له زوجة وتعالى الله عن الزوجة والولد».

  فقال عمر: كاد يهلك ابن الخطاب لولا علي بن أبي طالب #.

  وفي ذلك يقول السيد الحميري:

  سائل قريشاً به إن كنتَ ذا عَمَهٍ ... مَنْ كان أثبتها في الدين أوتاداً

  مَنْ كان أعلمها علماً وأحكمها ... حكماً وأصدقها قولاً وميعاداً

  إنْ يصدقوك فلن يعدوا أباحسنٍ ... إن أنت لم تلقَ للأبرار حسّاداً⁣(⁣١)

١٨٩ - الغلّاب في الوقعات

  قد تقدّم شرح هذا الاسم في ذكر شجاعته ومقاماته، ونزيده وضوحاً:

  روي أنّه ما بارزه قرن إلّا قتله، ولا اعتراه رأيان رأي دنيا ورأي آخرة: إلّا غلب رأي الآخرة على رأي الدنيا.


(١) كناية الطالب، ص ٢١٨ و ٢١٩.