البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

يمن الله الذي من به على المؤمنين

صفحة 290 - الجزء 1

  وقد كان رسول الله ÷ في عسرة، فأنزل الله عليه في كتابه الكريم: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦}⁣[الشرح].

  وقد سأل الزمخشري نفسه فقال: فإن قلت: ما المراد باليسرين؟ قال قلت: يجوز أن يراد بهما ما تيسّر لهم من الفتوح في أيّام رسول الله ÷ وما تيسّر لهم في أيّام الخلفاء، وأن يراد يسر الدنيا ويسر الآخرة⁣(⁣١).

  والأمر محتمل لما ذكره، ولغيره ممّا استأثر الله يعلمه.

  ويجوز أن يكون اليسر هاهنا أمير المؤمنين، وما يسّره الله على يده من الفتوح بقتل الكافرين في زمن رسول الله ÷ ومن بعده ÷ قتل أمير المؤمنين للناكثين والقاسطين والمارقين، لأنّها كلّها فتوح يسرها الله تعالى.

  وتسميته باليسر موافق لما أيّد الله به من أمور الدين، ونصر به سيّد المرسلين.

٢٩٠ - يُمن الله الذي منّ به على المؤمنين

  اليمن: البركة، وقد يمن فلان على قومه فهو ميمون: إذا صار مباركاً عليهم.

  فأمير المؤمنين # في المؤمنين يمن شامل، وبه كان في أحوالهم التيمّن الكامل، وسميناه «يُمْنا» لما حصل على يده من البركة.

  وذكر في الكفاية في شرح: «وإن تستخلفوا عليّاً - وما أراكم بفاعلين - تجدوه هادياً مهدياً، يحملكم على المحجّة البيضاء»⁣(⁣٢).

  قال: قالت فرقة من الملاحدة: هذا حديث لا يجوز رواية مثله على النبي ÷ وقوله ÷: «وإن تولّوا عليّاً يسلك بكم الطريق المستقيم»، قالوا: لمّا أفضت الخلافة إليه كانت مدته كلّها فتنة وحروباً.

  قال الحافظ: قلنا: لهذا المتأوّل المتعصّب الجاهل: هذه المقالة التي تمسّكت بها تدلّ على شكٍ في دينك وريب في نفسك، ورأيتَ الحقّ بعين الباطل، وأنّ الحديث لا مردّ له،


(١) الكشاف للزمخشري، ٤/ ٧٧١ - ٧٧٢.

(٢) كفاية الطالب، ص ١٦٤.