يمن الله الذي من به على المؤمنين
  وقد كان رسول الله ÷ في عسرة، فأنزل الله عليه في كتابه الكريم: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦}[الشرح].
  وقد سأل الزمخشري نفسه فقال: فإن قلت: ما المراد باليسرين؟ قال قلت: يجوز أن يراد بهما ما تيسّر لهم من الفتوح في أيّام رسول الله ÷ وما تيسّر لهم في أيّام الخلفاء، وأن يراد يسر الدنيا ويسر الآخرة(١).
  والأمر محتمل لما ذكره، ولغيره ممّا استأثر الله يعلمه.
  ويجوز أن يكون اليسر هاهنا أمير المؤمنين، وما يسّره الله على يده من الفتوح بقتل الكافرين في زمن رسول الله ÷ ومن بعده ÷ قتل أمير المؤمنين للناكثين والقاسطين والمارقين، لأنّها كلّها فتوح يسرها الله تعالى.
  وتسميته باليسر موافق لما أيّد الله به من أمور الدين، ونصر به سيّد المرسلين.
٢٩٠ - يُمن الله الذي منّ به على المؤمنين
  اليمن: البركة، وقد يمن فلان على قومه فهو ميمون: إذا صار مباركاً عليهم.
  فأمير المؤمنين # في المؤمنين يمن شامل، وبه كان في أحوالهم التيمّن الكامل، وسميناه «يُمْنا» لما حصل على يده من البركة.
  وذكر في الكفاية في شرح: «وإن تستخلفوا عليّاً - وما أراكم بفاعلين - تجدوه هادياً مهدياً، يحملكم على المحجّة البيضاء»(٢).
  قال: قالت فرقة من الملاحدة: هذا حديث لا يجوز رواية مثله على النبي ÷ وقوله ÷: «وإن تولّوا عليّاً يسلك بكم الطريق المستقيم»، قالوا: لمّا أفضت الخلافة إليه كانت مدته كلّها فتنة وحروباً.
  قال الحافظ: قلنا: لهذا المتأوّل المتعصّب الجاهل: هذه المقالة التي تمسّكت بها تدلّ على شكٍ في دينك وريب في نفسك، ورأيتَ الحقّ بعين الباطل، وأنّ الحديث لا مردّ له،
(١) الكشاف للزمخشري، ٤/ ٧٧١ - ٧٧٢.
(٢) كفاية الطالب، ص ١٦٤.