كرار غير فرار
  وهذه فضيلة أخرى، وهي تركه لثيابه وهي درعه فيما أظنّه كانوا يسمون الدروع الثياب، قال أبو قيس بن الاسلت:
  وتستبدلوا بالأتحميّة بعدها ... شليلا وأصداءً ثياب المحارب
  وإن كانت الثياب على ظاهرها، فمن العفة والمروة لم يعره.
  وقد ذكرنا أبيات أخت عمرو فيما تقدّم(١).
  وكانت لأمير المؤمنين # بعد قتله عمرواً تحفة من الله عظيمة ومنقبة تخصّه جسيمة، وهي ما رواه أئمّتنا الأعلام وعلمائنا الكرام، وذلك أنّ عليّاً # دخل على رسول الله ÷ بعد قتل عمرو وسيفه يقطر دماً فقال ÷: «اللّهم أتحف عليّاً بتحفة لم تتحف بها أحداً قبله ولا تتحف بها أحداً بعده»، فهبط جبرئيل # بأترجَة، فإذا فيها سطران مكتوبان: «هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب»(٢).
  وقد روي هذه الفضيلة، صاحب الكفاية إلّا أنّه قال في الأترجَة، فأنفلقت فلقتين إذا فيها حريرة بيضاء مكتوب فيها بصفرة: «من طالب غالب إلى علي بن أبي طالب».
  قال: وهو معروف عند أهل النقل عراقاً وشاماً(٣).
  فهذه واحدة ممّا كشف به الكرب عن وجه رسول الله ÷، وغيرها مسئلها، والقصد الإشارة لا البسط في العبارة.
١٠٥ - كرّار غير فرّار
  هذا الاسم مأخوذ من كلام رسول الله ÷ يوم قال في خيبر: «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّار غير فرّار»(٤).
  وسنذكر الحديث بطوله وأصله في شرح «فاتح خيبر» إن شاء الله تعالى.
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١٩/ ٦٤.
(٢) محاسن الأزهار، ص ١٨٥.
(٣) كفاية الطالب، ص ٧٨.
(٤) محاسن الأزهار، ص ١٥٧.