البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

ثهلان الحلم الراسخ

صفحة 73 - الجزء 1

  أراد بالثقل الأكبر القرآن، وبالثقل الأصغر أهل البيت $ [وهو الثقل الأكبر والثقل الأصغر الذي يلي القرآن والأساس⁣(⁣١)].

٤١ - ثهلان الحلم الراسخ

  ثهلان: جبل معروف يضرب به المثل في شموخه ورسوخه، والعرب تصف الحليم بالجبل، لأنّ الحلم يقتضي الوقار والسكينة.

  وإلى أمير المؤمنين # انتهى الحلم، فاحتبى بحمائله، واحتلى بشمائله، وفاز بفضائله، وحاز أنفس غلائله.

  قال العلامة ابن أبي الحديد | في وصفه: أمّا الحلم والصفح فكان # أحلم الناس عن ذنبٍ، وأصفحهم عن مسيء، وقد ظهر من صفحه ما قلناه ما كان يوم الجمل، حيث ظفر # بمروان بن الحكم - وكان أعدى النّاس له وأشدّهم بغضاً - فصفح عنه.

  وكان عبدالله بن الزبير يشتمه على رؤوس المنابر والأشهاد، ويقول فيه ما لا يجوز من القول، وخطب ذات يوم في البصرة، فقال: قد أتاكم الوغد اللثيم عليّ ابن أبي طالب، وكان علي # يقول: «ما زال الزبير رجلاً منّا أهل البيت حتّى شبّ ولده عبدالله»، فظفر به يوم الجمل فأخذه أسيراً، فصفح عنه، وقال: «إذهب ولا أرينّك» لم يزده على ذلك.

  وظفر بسعيد بن العاص - وكان له عدواً - فأعرض عنه، ولم يقل له شيئاً.

  وقد علمتم ما كان من عائشة في أمره #، فلمّا ظفر بها أكرمها، وبعث معها إلى المدينة سبعين إمراة.

  وحاربه أهل البصرة، وضربوا وجهه ووجوه أولاده بالسيف، وشتموه ولعنوه، فلمّا ظفر بهم رفع السيف عنهم، ونادى مناديه في أقطار العسكر: «ألا لا يتبع مولّ، ولا يُجهزُ على جريح، ولا يقتل مستأسر، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن تحيّز إلى عسكر الإمام فهو آمن»، ولم يأخذ أثقالهم ولا سبي ذراريهم ولا غنم شيئاً من أموالهم، ولو شاء أن يفعل ذلك لفعل،


(١) كذا ما بين القوسين، والعبارة غير واضحة في الأصل.