البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

جميل المحيا

صفحة 80 - الجزء 1

  وأمّا جهاده # لعدوّه، بعد وفاة رسول الله ÷، فأوّل ذلك جهاده أهل الردّة في أيّام أبي بكر، فإنّه # جبر بجهاده ما كسره أهل الردة في الإسلام، وقام في قتالهم أشدّ القيام، ثمّ في خلافته #، وجهاده لأهل الأهواء، وبيانه أحكام الشرع في قتال من طغى وبغى وخرج عن الطريقة المثلى، ولولا أمير المؤمنين ما عرفنا أحكام أهل البغي، وهو الذي سنّ للمسلمين السيرة فيهم.

  وروى الحافظ في كتاب الكفاية، أن رسول الله ÷ قال: «يا علي إنّه يكون بعدي في المؤمنين جهاد» فقال #: على ما نجاهد المؤمنين الذين يقولون آمنا؟ قال: «على الإحداث في الدين، إذا عملوا بالرأي، ولا رأي في الدين، وإنّما الدين من الرّب»⁣(⁣١) إلى آخر كلامه.

  وقوله #: «إنّك ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين»⁣(⁣٢).

  وفي هذا دلالة واضحة على أنّه # هو الذي جبر العظم الكسير في عهد النبي ÷ وبعده.

٤٦ - جميل المُحيَّا

  الأصل في ذلك ما رواه ابن عبد البرّ في كتاب الاستيعاب، قال: وأحسن ما رأيت في صفته ¥: إنّه كان ربعة من الرجال، أدعج العينين، حسن الوجه كأنّه القمر ليلة البدر. ضخم البطن، عريض المنكبين، شئن الكفّين، أغيد كانَ عنقه إبريق فضة، أصلع ليس في رأسه شعر إلّا من خلفه، كثّ اللّحية، لمنكبه مشاش كمشاش السبع الضاري، لا يتبيّن عضده من ساعده، قد أدمجت إدماجاً، إذا مشى تكفّأ، وإذا أمسك بذراع أحد أمسك بِنَفَسه فلم يستطع أن يتنفس، شديد الساعد واليد، وإذا مشى إلى الحرب هرول، ثبت الجنان قويّ شجاعٌ منصورٌ على من عاداه⁣(⁣٣) فهذه صفته #.

  وجاء في صفته كرّم الله وجهه عن ابن عبّاس: كان والله يشبه القمر الباهر، والحسام الباتر، والربيع الباكر، والفرات الزاخر. والليث الخادر، أشبه من القمر ضوؤه وبهاءه،


(١) كفاية الطالب، ص ١٦٦.

(٢) نفس المصدر، ص ١٦٨.

(٣) الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ٣/ ١١٢٣، قريباً بهذا المضمون.