ذكي القلب
  بذلك، وخرج أعلم بهذا الباب من سقراط، ولم يربّ بين الشجعان لأنّ أهل مكّة كانوا ذوي تجارة، ولم يكونوا ذوي حرب، وخرج أشجع من كلّ بشر مشى على الأرض.
  قبل لخلف الأحمر: أيّما أشجع عُيَيّنة بن حصن وبسطام بن قيس أم علي بن أبي طالب!، فقال: إنّما يذكر عيينة وبسطام مع البشر والنّاس، لا مع من يرتفع عن هذه الطبقة.
  فقيل له: فعلي أشجع، فقال: والله لو صاح في وجوههما لماتا قبل أن يحمل عليهما.
  وخرج أفصح من سحبان وقسّ، ولم يكن قريش بأفصح العرب، وكان غيرها أفصح منها، قالوا: أفصح العرب جُرهم، وإن لم يكن لهم نباهة.
  وخرج أزهد النّاس في الدنيا وأعفّهم عنها؛ مع أنّ قريشاً كانوا ذوي حرص ومحبّة للدنيا.
  ولا غرو فيمن كان محمّد ÷ مربّيه ومخرّجه، والعناية الإلهيّة تمدّه وترفده أن يكون منه ما كان(١)!.
  وقد تقدّم لنا كلام في تفسير «البليغ» يغني عن الزيادة في هذا المكان.
٩١ - ذكيّ القلب
  الذكاء ممدود: حدّة الفؤاد، وقد ذَكِيَ الرجل بالكسر، يذكي ذكاء، فهو ذكي على فعيل(٢).
  والقصد بهذا الاسم الإشارة إلى حسن رأيه في مدارك الأحكام الشرعيّة النظرية، ثمّ في تدبير الأمور الأيالية الدينيّة.
  أمّا ذكاؤه في استنباط الأحكام الشرعيّة، والمدارك النظرية، فلم يسبق # إلى حسن استنباطه واستخراجه، وهو الذي قال في المنبرية: «هذه مسئلة صار ثُمُنها تسعاً»، أدرجها في جملة خطبته ولم يتوقف لنظر(٣).
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد. ١٤٦/ ١٦ وفيه: عنبسة، وهو خطأ.
(٢) الصحاح للجوهري، ٢٣٤/ ٦.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد. ٢٠/ ٢٨٤ الحكم المنسوبة إليه # (٢٥٠): الصراط المستقيم، ٢٢٠/ ١؛ المراتب، ص ٤٠، الإمام علي بن أبي طالب، ٢/ ١٧٢.