البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

التواق إلى الله

صفحة 64 - الجزء 1

  بين الصفّين ليلة الهرير، فيصلي عليه ورده، والسهام تقع بين يديه وتمرّ على صماخيه، فلا ير تاع لذلك، ولا يقوم حتّى يفرغ من صلاته، ووظيفته.

  وما ظنّك برجل كانت جبهته كثفتة البعير لطول سجوده؟ وأنت إذا تأمّلت دعواته ومناجاته، ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه وإجلاله، وما تضمّنته من الخضوع لهيبته، والخشوع لعزّته، والاستخذاء لعزّة جلالته، عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص، وفهمت من أيّ قلب خرجت، وعلى أيّ لسان جرت!

  وقيل لسبطه عليّ بن الحسين @ - وكان الغاية في العبادة؛ ويكفيك اسمه زين العابدين - أين عبادتك من عبادة جدّك؟.

  قال: «عبادتي عند عبادة جدّي كعبادة جدّي عند عبادة رسول الله ÷».

  وأمّا قراءة القرآن والاشتغال به فهو المنظور إليه في هذا الباب؛

  اتفقَ الكلّ على أنّه # كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله ÷ ولم يكن غيره يحفظه⁣(⁣١).

  وسئل الحسن البصري | عن أمير المؤمنين # فقال: كان عليّ والله سهماً صائباً من مرامي الله على عدوّه، وربّاني هذه الأُمّة، وذا فضلها، وذا سابقتها، وذا قرابتها من رسول الله ÷ لم يكن بالنومة عن أمر الله، ولا بالملومة في دين الله، ولا بالسروقة لمال الله، أعطى القرآن عزايمه، ففاز منه برياض مونقة؛ ذلك عليّ بن أبي طالب، بالكع⁣(⁣٢).

٣١ - التوّاق إلى الله

  التوق والشوق بمعنى واحد، والأصل في ذلك ما ورد من كلامه # في الشوق إلى الله في بعض خطبه بصفّين حيث قال: «أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضرا على الحقّ؟ أين عمّار بن ياسر؟ وأين أبو الهيثم بن التيّهان؟ أين ذو الشهادتين؟ وأين نُظَراؤهُم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية وانثنوا برؤوسهم عن الفجرة»!.


(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١/ ٢٧.

(٢) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البرّ، ٣/ ١١١٠.