البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

الهتون بما في يده من مال الله

صفحة 271 - الجزء 1

  وفي «الأم» عن الحسن البصري: أدركت سبعين بدرياً لو رأيتموهم لقلتم: مجانين، أو رأوكم لقالوا: مجانين، من إقبالهم على الآخرة، وإقبالكم على الدنيا⁣(⁣١).

  وقد كانت تصيب أمير المؤمنين غشيةٌ من خوف الله، فكاد يفارق فيها الحياة.

٢٦١ - الهتون بما في يده من مال الله

  سحابٌ هَتون، غزير المطر والقطر، وهذا في معنى «الجواد» وقد تقدّم تفسيره في حرف الجيم.

  وكانت صفته # صفة الغيث سماحةً وجوداً، وفضلاً معدوداً.

  والقصد الإشارة إلى أنّه # كان لا يختزن أموال الله، ويفرّقها في أهلها، ولا يمسي وفي بيت المال شيء منها، إلّا ما لم يقدر على تفريقه، فإذا أصبح فرّقه ووضعه في أهله، وكان لا يرى بقاء شيء من أموال الله في بيت المال، بل يسارع إلى قسمتها وتفريقها على مقاسمها في كتاب الله.

٢٦٢ - الهيوب عن مواساة أخيه من حق الله

  الأصل في هذا: الإشارة إلى مافعله # مع أخيه عقيل |، ونحن نذكر كلامه من أصله.

  قال #: «والله لقد رأيتُ عقيلاً، وقد أملق، حتّى استماحني من بُرّكم صاعاً، ورأيت صبيانه شُعثَ الألوان من فقرهم، كأنّما سوّدت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكّداً وكرّر علىٌّ القول مردّداً.

  فأصغيتُ إليه بسمعي، وظنّ أنّي أبيعه ديني، وأتّبع قيادهُ، مفارقاً طريقتي، فأحميتُ له حديدة، ثمّ أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضجّ ضجيج ذي دَنَفٍ من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلتُ له: ثكلتك الثواكل يا عقيل! أتئنُّ من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرّني إلى نارٍ سجّرها جبّارها لغضبه! أتئنُّ من الأذي ولا أَئِنُّ من لظى؟

  وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفةٍ في وعائها، ومعجونةٍ شَنِئتُها، كأنّما عجنت بريق حيّة أو قيئها، فقلت: أصِلَةٌ، أم زكاةٌ، أم صدقةٌ؟


(١) فيض القدير، ١٠١/ ٢ روى صدره: تهذيب الكمال للمزي، ١١٢/ ٦.