البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

المنادي من سورة التوبة بالآيات

صفحة 164 - الجزء 1

  وعندك سيّدة نساء العالمين، وقبل ذلك ما كان من بلاء أبي طالب عندي حين نزل القرآن، فأنا حريص على أن أرعى ذلك لولده»، رواه الثعلبي في تفسيره⁣(⁣١).

  قال ابن أبي الحديد: واعلم، أنّا إنّما ذكرنا هذه الأخبار لأنّ كثيراً من المنحرفين عنه # إذا مروا على كلامه في نهج البلاغة وغيره ممّا تضمن التحدث بنعمة الله عليه من اختصاص رسول الله ÷ له وتمييزه إيّاه عن غيره، ينسبونه فيه إلى التيه والزهو، فأردنا بإيراد هذه الأخبار أن نُنبه على عظيم منزلته عند الرسول ÷ وإنّ من قبل في حقّه ما قيل لورقي إلى السماء وعرج في الهواء وفخر على الملائكة والأنبياء تعظماً وتبجحاً لم يكن ملوماً، بل كان بذلك جديراً وكيف؟ وهو # لم يسلك قط مسلك التعظيم والتكبّر في شيء من أقواله ولا من أفعاله؟! وكان ألطف البشر خلقاً، وأكرمهم طبعاً، وأشدهم تواضعاً، وأكثرهم احتمالاً، وأحسنهم بشراً، وأطلقهم وجهاً، حتّى نسبه من نسبه إلى الدّعابة والمزاح، وهما خلقان ينافيان التكبّر والاستطالة، وإنّما كان يذكر أحياناً ما كان يذكره من هذا النوع، نفثة مصدور، وشكوى مكروب، لا يقصد به إذا ذكره إلّا شكر النعمة، وتنبيه الغافل على ما خصّه الله من الفضيلة، فإنّ ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو تقديم غيره عليه في الفضل والخلافة، فقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٥}⁣[يونس](⁣٢).

١٢٨ - المنادي من سورة التوبة بالآيات

  الأصل في ذلك ما رواه المؤالف والمخالف من إرسال رسول الله ÷ أبا بكر بسورة براءة ليقرأها على العرب بالموسم وكان الأمير على مكّة عتاب بن أسيد، ولأنّها نزلت سنة تسع من الهجرة، وكان الفتح سنة ثمان، وأمَر رسول الله ÷ أبا بكر على الموسم سنة تسع، ثمّ أتبعه أمير المؤمنين عليّاً # راكب العضباء ليقرأها على أهل الموسم، فقيل له: لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال ÷: «لا يؤدّي عنّي إلّا رجل منّي»، فلمّا دنا أمير المؤمنين # من


(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ٩/ ١٧٤؛ الكشف والبيان للثعلبي، ١٠/ ٣٢٢ بتفاوت.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ٩/ ١٧٥.