الطامي علما
١٩٥ - الطامي علماً
  طما الماء يطمو طمواً ويطمي طمياً فهو طام إذا ارتفع وملأ النهر، والبحر الطامي المرتفع ماءً وموجاً.
  والأصل في هذا الاسم ما قررناه في مواضع من علمه الزخّار، واغتراف الصحابة كافة من بحره التيار.
  وقد تكرر منّا كلام متعدّد في أماكن من هذا الكتاب حسبما يعنّ من الأسماء المقتضية لهذا المعنى، وسوف نزيده بياناً وإيضاحاً في حرف القاف إن شاء الله تعالى، وذلك في شرح «قاموس علم رسول الله ÷» ونذكر هاهنا جملة تدلّ على ما وراءها:
  كان عنده # لكلّ معضلة فكاك، ولكلّ مشكلة جواب، ويدلّ على أنّه كان أعلم الصحابة في الإجمال والتفصيل.
  أمّا الإجمال: فإنّه لا نزاع أنّ عليّاً # كان في أصل خلقته في غاية الذكاء والفطنة والاستعداد للعلم، وكان النبي ÷ أفضل العقلاء وأعلم العلماء وخاتم الأنبياء، وكان
= ثمّ أدركت عليّاً # رقّة على ولده، فتناول الراية منه بيده اليسرى، وذو الفقار في يده اليمني، ثمّ حمل فغاص في عسكر الجمل، ثمّ رجع وقد انحني سيفه، فأقامه بركبته فقال أصحابه وبنوه: نحن نكفيك يا أمير المؤمنين، فلم يجب أحداً منهم، ولا ردّ إليهم بصره، وظل يزأر زئير الأسد، حتى فرّق من حوله، وتبادروه، وإنّه لطامح ببصره نحو عسكر البصرة لا يبصر من حوله، ولا يرد جواباً، ثمّ دفع الراية إلى محمّد ثمّ حمل حملةً ثانيةً وحده فدخل وسطهم يضربهم بالسيف قدماً قدماً، والرجال تنفر بين يديه يمنةً ويسرة، حتّى خضب الأرض من دماء القتلى، ثمّ رجع وقد انحنى سيفه فأقامه بركبته فاعصوصب به أصحابه، وقالوا: ان تُصَبْ يذهب الدين، فأمسك ونحن نكفيك. فقال: «والله ما أريد بما ترون إلّا وجه الله تعالى والدار الآخرة» ثمّ قال لمحمّد: هكذا فاصنع يابن الحنفيّة.
فقال النّاس: من الذي يستطيع ما تستطيعه يا أمير المؤمنين؟
وفي رواية أخرى، أنّه قال # لمحمّد: «أمح الأوّل بالآخر، وهذه الأنصار معك».
وضمّ إليه وجوه الأنصار منهم خزيمة بن ثابت، فحمل محمّد حملات منكرة أزال بها القوم عن مراكزهم وأبلى بلاءاً حسناً.
فقال خزيمة بن ثابت لأمير المؤمنين: أما إنّه لو كان غير محمّد اليوم لافتضح، ولئن كنت خفت عليه الحسنين ابنيك وبني حمزة وجعفر لما خفناه عليه، وإن كنت إنّما أردت أن تعلّمه الطعان، وطالما علّمته الرجال.
وقالت الأنصار: لولا ما جعل الله لحسن رحن ما قدّمنا على محمّد أحداً من العرب.
فقال #: «أين النجم من الشمس والقمر؟ أما إنّه قد أغلى وأبلى، ولكن له فضله، ولا ينقص فضل صاحبيه عنه».
ثمّ قال: «أين يقع ابني من ابني رسول الله ÷؟»، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ١/ ٢٤٥.