البروج في أسماء أمير المؤمنين (ع)،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

غيث من استمطره

صفحة 212 - الجزء 1

  فمن كانت هذه صفته فهو غنيّ بالله.

  واستشهد # ولا يملك من الدنيا بحذافيرها إلّا سبع مائة درهم فضلت من عطائه، أراد أن يشتري بها خادماً لأمّ كلثوم⁣(⁣١).

  وقال مرّة على المنبر: «من يشتري منّي سيفي هذا؟ فلو وجدت قيمة إزار ما بعته»⁣(⁣٢).

  وقال #: «فو الله ما كنزت من دنيا كم تبرأ، ولا ادّخرت من غنائمها وفراً ولا أعددت ليالي ثوبي طمراً، بلي كانت في أيدينا فدك من جميع ما أظلّته السماء، فشحّت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين، ونعم الحكم الله، وما أصنع بفدك وغير فدك، والنفس مظانّها في غدٍ حدث، ينقطع في ظلمته آثارها وتغيب فيه أخبارها»⁣(⁣٣).

  ونعود إلى أنّه # كان غنياً بالله تعالى: والوجه لذلك أنّه غنيّ بالإسلام عن الاستقام بالأزلام، وبالزهد في العيش عن تجارة قريش، وآية السيف عن رحلتي الشتاء والصيف.

  فكان «بالله غنياً» وشبّ علاً زكيّاً، وسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيّاً.

١٨٢ - غوث من استنصره

  غوَث الرجل إذا قال: واغوثاه، والاسم الغَوث والغُواث، والمعنى: إنّ من استغاث به واستنصره أغاثه وأجاب غواثه، فهو «الغوث لمن استغاث» ومجيب الدعا.

  والغُواث نُصرة المنجودين وعُصرة المجهودين، وذلك ظاهر في أحواله وأقواله.

١٨٣ - غيث من استمطره

  المراد كرمه وجوده وأنّه للسائلين بمنزلة الغيث، كما قال في وصفه لرسول الله ÷: «أطهر المطهّرين شيمة، وأغزر المستمطَرين ديمه»⁣(⁣٤)، أراد بالمستمطرين المسؤولين من الكرماء تشبيهاً لهم بالسحاب، ولهذا رشح الاستعارة بذكر الديمة وهي السحابة الغزيرة الماء؛ وإنّما أراد العطاء فجعله بمنزلة الديمة الوكّافة.


(١) الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ١١١٢/ ٣: كفاية الطالب، ص ٩٢.

(٢) الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ٣/ ١١١٤؛ حلية الأولياء، ١/ ٨٣.

(٣) نهج البلاغة، ص ٤١٧، الكتاب ٤٥.

(٤) نفس المصدر، ص ١٥١، الخطبة ١٠٥.