17 - حول وفاة النبي ÷
  خم بأن ينصب أخاه وابن عمه ووصيه خليفةً وإماماً من بعده، وفي تلك الأثناء قال النبي ÷ «أيها الناس إنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف ما عمر من قبله، وإن عيسى لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد شرعت في العشرين، وإني يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، فماذا أنتم قائلون»، فقام من كل ناحية من القوم مجيب فقال: نشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ثم بين لهم إمامة علي #، ونزل عليه قول الله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]، وهذه الآية كالإشعار والتنبيه بأن مهمة التبليغ شارفت على الإنتهاء والكمال، وأن المهمة الدنيوية قد أصبحت في المراحل النهائية.
  ثم رجع إلى المدينة فأقام بها بقية ذي الحجة والمحرم والنصف من صفر لا يشتكي شيئاً، ثم ابتدأ به الوجع الذي توفي فيه ÷.
  فقد روى الإمام عبد الله الكامل بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب $ قال: (لما نزلت سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ١}[النصر]، قال رسول الله: «نُعِيَت إليّ نفسي»، وعرف اقتراب أجله، فدخل منزله، ودعا فاطمة &، فوضع رأسه في حجرها ساعة، ثم رفع رأسه وقال: «يا فاطمة، يا بنية، أُشعِرتُ أن نفسي قد نعيت إليّ»، فبكت فاطمة عند ذلك حتى قطرت دموعها على خد رسول الله، فرفع رأسه ونظر إليها، فقال: «أما إنكم المستضعفون المقهورون بعدي، فلا تبكين يا بنية، فإني قد سألت ربي أن يجعلَكِ أولَ من يلحق بي من أهلي، وأن يجعلك سيدة نساء أمتي، ومعي في الجنة، فأُجِبْتُ إلى ذلك»، فتبسمت فاطمة & عند ذلك.
  فلما مضى النصف من صفر سنة إحدى عشرة، جعل رسول الله يجد الوجع والثقل في جسده حتى اشتد به الوجع في أول شهر ربيع الأول، واجتمع إليه أهل بيته ونساؤه، فلما رأت فاطمة أباها قد ثقل دعت الحسن والحسين، فجلسا معها إلى رسول الله، ووضعت خدّها على خد رسول الله، وجعلت تبكي حتى أخضلت