15 - حول العقل وأهميته
١٥ - حول العقل وأهميته
الخطبة الأولى
  
  اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لا تُدْرِكُ الْاَوْهامُ صِفَتَهُ، الَّذي ذَهَلَتِ الْعُقُولُ عَنْ مَبْلَغِ عَظَمَتِهِ، الْواحِدِ بِغَيْرِ تَشْبيهٍ، الْعالِمِ بِغَيْرِ تَكْوينٍ، الْباقي بِغَيْرِ كُلْفَةٍ، الْمَوْصُوفِ بِغَيْرِ غايَةٍ، الْمَعْرُوفِ بِغَيْرِ مُنْتَهى، رَبِّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ، وَرَبِّ الْاَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلينَ، وَرَبِّ الْاَوَّلينَ وَالْاخِرينَ.
  اَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بِجَميعِ مَحامِدِكَ كُلِّها، ما عَلِمْنا مِنْها وَما لَمْ نَعْلَمْ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يُوافي نِعَمَكَ، وَيُوافي مَزيدَ كَرَمِكَ، حَمْداً يَزيدُ عَلى حَمْدِ جَميعِ خَلْقِكَ، حَمْداً نَبْلُغُ بِهِ رِضاكَ، وَنُؤَدّي بِهِ شُكْرَكَ، وَنَسْتَوْجِبُ بِهِ الْمَزيدَ مِنْ عِنْدِكَ.
  وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ اِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ، لَهُ شَهادَةَ الْحَقِّ وَكَلِمَةَ الْاِخْلاصِ، شَهادَةً أَرْجُو بها النجاةَ يومَ المعادِ.
  وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ إلى يومِ التَّنَادِ.
  أما بعد أيها الؤمنون: خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، وركبه أحسن تركيب، وفضله على سائر المخلوقات بما وهب له من العقل، الذي جعله أساس التكليف، وأناط به الأحكام والتشريع، وجعله هادياً إلى الرشاد، ومميزاً بين الأضداد، من التمييز بين الحق والباطل والخير والشر، وداعياً إلى مكارم الأخلاق، وجعله آلة التفكير والتنبيه، وهو نعمة من أتم النعم، وحجة من أبلغ الحجج، وجعله هادياً إلى طريق النجاة.
  والعقل هو الحجة الكبرى التي امتنَّ الله تعالى بها على عباده، والمنحةَ الإلهيةَ العظيمةَ التي يستطيع المرء معها أن يفكر وينظر، وهو الأداة الوحيدة التي يكون الإنسان من خلالها متأملاً ومفكراً، وفاهماً وناظراً معتبراً، فالمرء الذي يحاول أن ينظر في المسائل والأدلة بآلة أخرى غير العقل لا يُمْكِنُهُ أن ينظر أو يفكر؛ لأنَّه قد ضيَّعَ الأداة التي لا بدَّ له من استخدامها.