روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

30 - في العشر الأواخر واعتكافها وليلةالقدر

صفحة 266 - الجزء 1

٣٠ - في العشر الأواخر واعتكافها وليلةالقدر

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله الذي لا يهتك حجابُه، ولا يغلق بابُه، ولا يرد سائله، ولا يخيب آمله، الحمد لله الذي يؤمن الخائفين، وينجي الصالحين، ويرفع المستضعفين، ويضع المستكبرين، يُهلك ملوكاً ويستخلف آخرين، الذي من خشيته ترعد السماء وسكانُها، وترجف الأرض وعمارُها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.

  وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لًا شَرِيْكَ لَهُ شَهَادَةً أَوْجَبَتْهَا شَوَاهِدُ بَقَائِهِ وَقِدَمِهِ، وَكَلِمَةً حَبَّبَهَا إِلَيْنَا عَوَائِدُ آلائِهِ وَنِعَمِهِ.

  وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً ÷ عَبْدُهُ ورسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالحَقِّ، وأَنْطَقَهُ بِالصِّدْقِ، بَشِيرَاً لِلْمُتَّقِينَ، وَنَذِيرَاً لِلْمُعْتَدِينَ، فَشَرَعَ الدِّينَ، وَهَدَى الضَّالِّينَ، فَصَلَّى اللهُ علَيهِ وعلَى أهلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ.

  أما بعد أيها المؤمنون: ها هو شهر مضان تنقضي أيامه ويُؤْذِنُ بالوداع، وتنصرم لياليه ونحن لا زالنا في غفلة عن الله وضياع، قد مضت أيام الرحمة، وتلتها أيام المغفرة، وهاهي أيام العتق من النار، فيا من قد قصر في ما مضى، أدرك نفسك فيما بقي، وويا من فرط في الأيام التي انقضت، لا زال بإمكان أن تتلافى وضعك، وتصلح أمرك.

  فهيا بنا لننظر ماذا كان يفعل النبي ÷ في هذه الأيام المباركة، لنجعله لنا القدوة، ولنأخذ منه الأسوة، فقد كان النبي ÷ يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، فكان يشد المئزر، ويشمر في الطاعات، فمن السنن النبوية، والعبادات العظيمة التي تتعلق بالعشر الأواخر من