روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

1 - حول الحكمة من بعض التشريعات والعبادات

صفحة 9 - الجزء 2

١ - حول الحكمة من بعض التشريعات والعبادات

الخطبة الأولى

  

  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ مَصَائِرُ الْخَلْقِ، وَعَوَاقِبُ الْأَمْرِ، نَحْمَدُهُ عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِهِ، وَنَيِّرِ بُرْهَانِهِ، وَنَوَامِي فَضْلِهِ وَامْتِنَانِهِ، حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّهِ قَضَاءً، وَلِشُكْرِهِ أَدَاءً، وَإِلَى ثَوَابِهِ مُقَرِّباً، وَلِحُسْنِ مَزِيدِهِ مُوجِباً، اَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بِجَميعِ مَحامِدِكَ كُلِّها، ما عَلِمْنا مِنْها وَما لَمْ نَعْلَمْ، وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يُوافي نِعَمَكَ، وَيُوافي مَزيدَ كَرَمِكَ، حَمْداً يَزيدُ عَلى حَمْدِ جَميعِ خَلْقِكَ، حَمْداً نَبْلُغُ بِهِ رِضاكَ، وَنُؤَدّي بِهِ شُكْرَكَ، وَنَسْتَوْجِبُ بِهِ الْمَزيدَ مِنْ عِنْدِكَ.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله لِإِنْجَازِ عِدَتِهِ، وَإِتْمَامِ نُبُوَّتِهِ، مَأْخُوذاً عَلَى النَّبِيِّينَ مِيثَاقُهُ، مَشْهُورَةً سِمَاتُهُ، كَرِيماً مِيلَادُهُ، فَهَدَى الناسَ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَأَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين.

  أما بعد أيها المؤمنون: فإن الله تعالى شرع شرائع الإسلام، وجعل في ذلك التشريع حكمة تعبدية يبتلي عباده بها في مدى امتثالهم لربهم، وجعلها أيضاً موافقة لمصالحهم الدينية والدنيوية، يكتسبون بسببها قوة وسلامة في أبدانهم، وصحة في أجسادهم، وبركة في أموالهم، وسلامة من كثير من بلاء الدنيا ومصيباتها، ويبين ذلك أمير المؤمنين عليٌّ # في قوله:

  (إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْإِيمَانُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الْإِسْلَامِ، وَكَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ، وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ وَاعْتِمَارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيَرْحَضَانِ الذَّنْبَ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ، وَمَنْسَأَةٌ فِي الْأَجَلِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَصَدَقَةُ الْعَلَانِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ، وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ، أَفِيضُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ