روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

24 - في الإستسقاء

صفحة 203 - الجزء 2

٢٤ - في الإستسقاء

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والحمد لله مغيث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وكاشف الكرب عن المكروبين، ومسبغ النعمة على العباد أجمعين، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وربك يخلق ما يشاء ويختار وهو الولي الحميد، فسبحانه من إله كريم شمل بكرمه ورزقه وإحسانه القريب والبعيد، فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها وربك على كل شيء حفيظ، ولكنه يعطي لحكمة ويمنع لحكمة إن ربي على صراط مستقيم.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة يوم الوعيد.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل الرسل وخلاصة العبيد، صلى الله عليه وعلى آله ومن تبعهم في هديهم الرشيد، وسلم تسليماً كثيراً.

  أما بعد: أيها المؤمنون: يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}⁣[لقمان: ٣٤]، ويقول سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ٢٨}⁣[الشورى]، وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ٦٨ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ٦٩}⁣[الواقعة].

  عباد الله: أنزل الله تعالى لعباده غيثين: أحدهما أهم من الآخر، والناس يحتاجون إليهما، ولكن الحاجةَ إلى أحدهما أشدُّ من الآخر.

  أما الغيث الأول: فهو غيث القلوب بالإيمان، بما أنزل الله من الوحي على رسله، وهذا الغيث هو حياة القلوب، وسعادة الدنيا والآخرة، وبه يستجلب الغيث الثاني وهو غيث الأرض بما ينزله الله من المطر والرحمة، فإذا عمل العباد بمقتضى الغيث الأول، ورويت قلوبهم منه، واهتموا بتحصيله، وحرصوا على تطبيقه، حصل الغيث الثاني الذي هو سبب عنه، كما قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ