34 - في التوبة والإقلاع عن المعاصي
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله وكفى، ولي الحمد وأهله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين.
  أما بعد: أيها المؤمنون:
  لقد كان الصالحون قبلنا ينظرون إلى المعاصي نظرة، يقدح منها الخوف في قلوبهم، وتورث الوجل في نفوسهم، فتراهم في حذر شديد من الوقوع في المعاصي.
  وإذا وقع أحدهم في معصية قامت الدنيا عليه ولم تقعد، فلا يهنأه نوم ولا طعام ولا شرب، بل يبيت الليل قائماً عابداً، راكعاً ساجداً مستغفراً، ويقطع النهار صائماً ذاكراً متضرعاً.
  ولنستمع إلى قصة فيها عظة وعبرة، نأخذ منها دروساً وفوائد، ونتعلم منها كيف نتعامل مع ربنا، وكيف نؤدب أنفسنا؟، وكيف نتوب من ذنوبنا؟، وكيف نستعظم خطايانا وإن كانت عندنا مما نتهاون به؟.
  فقد روي أن فتى من الأنصار يقال له ثعلبة بن عبد الرحمن، كان يخدم النبي ÷، فبعثه رسول الله ÷ في حاجة، فمر بباب رجل من الأنصار، فرأى امرأة الأنصاري وهي تغتسل، فكرر النظر إليها.
  انظروا أيها المؤمنون: إلى معصيته ليست سوى النظرة، والنظرة سهم من سهام إبليس.
  فخاف أن ينزل الوحي على رسول الله ÷، يخبره بما فعل، فخرج هارباً على وجهه، فأتى جبالاً بين مكة والمدينة فدخلها، ففقده رسول الله ÷ أربعين يوماً.
  ثم إن جبريل # نزل على رسول الله ÷، فقال: يا محمد، إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: إن الهاربَ من أمتك بين هذه الجبال يتعوذ بي من ناري.