21 - حقوق الجار
٢١ - حقوق الجار
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله الذي يسَّر للسالكين إليه الطرق والأسباب؛ وفتح لهم من خزائن رحمته كل باب.
  وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة إقرار لا شك فيها ولا ارتياب.
  وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله الذي منّ الله به على المؤمنين يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الحكمة والكتاب، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين وصحابته الراشدين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الحساب وسلم تسليماً كثيراً.
  أما بعد: أيها المسلمون: يقول الله تعالى {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ٣٦}[النساء] ففي هذه الآية الكريمة ذكر الله تعالى بعضاً من الحقوق الإسلامية والمعاملات الإنسانية، التي أصبحت منسية في هذا الزمان، وأصبحنا جميعاً نتهاون بها ولا نلقي لها بالاً، ولا نرعى لها اهتماماً، ونشير في هذه الخطبة إلى واحد من تلك الحقوق، وهي حقوق الجيران.
  أيها الأخوة الكرام: إنه لا بد للمرء في مسكنه من جار يجاوره، يحتاج كلٌ منهما للآخر، تجمعهما مصالح، وتحصل بينهما خلطة، ولربما كانت تلك الخلطة سبب إلفة أو داعي شقاق ونفرة، ومن هنا؛ فدين الإسلام العظيم، الشريعة التي تحث أتباعها على التصافي والتآلف، رعت حق الجار، وأعظمت شأنه، وأكدت ثواب الإحسان إليه ووصله، وبالغت في التنفير من أذيته، ليبقى الصفاء، ويدوم الود والوفاء، ولِتُنزَعَ أسباب الشقاق والخلاف.
  ففي الحديث الصحيح عن رجل من الأنصار قال: خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِي أُرِيدُ النَّبِيَّ ÷ فَإِذَا بِهِ قَائِمٌ وَرَجُلٌ مَعَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقْبِلٌ عَلَى صَاحِبِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُمَا حَاجَةً، فَوَاللهِ لَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللهِ ÷ حَتَّى