روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

32 - حول تحريم الغناء وآلات الملاهي

صفحة 260 - الجزء 2

٣٢ - حول تحريم الغناء وآلات الملاهي

الخطبة الأولى

  

  الحمدلله الذي مَنّ علينا بالإسلام، وعلمنا معالم الحلال والحرام، وعرفنا الشرائع والأحكام، نحمده على نعمه التوام، ومننه الجسام، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه لا تفنيه الأيام.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن.

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، بلغ الشرائع والسنن، صلى الله وسلم عليه وعلى آله في السر والعلن.

  أما بعد: أيها المؤمنون: الله تعالى خلق الإنسان لعبادته وطاعته، وسهل له الطرق إلى ذلك، فقد خلقه في أحسن تقويم، وأكمل تصوير، وأنعم عليه بالنعم العظيمة الكثيرة، وأكمل له الحجة والبصيرة، ووضع كلّ شيء في موضعه على أبلغ ترتيب، وأجمل تركيب، ليكون مهيئاً للطاعة، صالحاً للعبادة، وركب فيه الأعضاء والجوارح والآلات ليستخدمها في الشكر لربه، على ما أنعم عليه من النعم التي لا تعد ولا تحصى، كما قال الله تعالى {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٧٨}⁣[النحل]، وكما يقول تعالى {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٩}⁣[السجدة]، فالأسماع والأبصار والعقول من أدوات الطاعات، وآلات العبادات، التي أمرنا الله تعالى أن نستخدمها في شكره على نعمه، كما قال تعالى {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٧٨}⁣[المؤمنون].

  وهذه الآلات والأدوات أنت مسؤول عنها ومحاسب عليها، كما قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦}⁣[الإسراء]، فإذا أحسنت الإستخدام كان لك الأجر والثواب، وحين تسيء الإستخدام يكون عليك الوزر والعقاب.